أدى رسالتك التي استدعيته
فأتاك من حنث اليمين بمخرج
فأصغى أبو العلاء ثم قال: ولا كل هذا سمعنا! فلا تعجب أن يكون المحدثون أعلم بالزمن القديم من الأقدمين.
زعيم الصين
جلس الشيخ في فرضة الصين الكبرى «شنغهاي» وإلى جانبه تلميذه يترجم له الخطاب الذي ألقاه زعيم الصين الكبير شيانج كاي شيك عن السيد المسيح صلوات الله عليه.
وكان الشيخ - وهو من المعنيين بأمر الأديان والمشغولين بعقائد ذوي الآراء - قد سمع أن الزعيم الصيني تحول عن عقيدة آبائه وأجداده مع حرص أهل الصين على تراث الآباء والأجداد، وآثر المسيحية كما آثرها من قبله أستاذه وأستاذ الصين الحديثة «سون ياتسين»، فعجب لهذا التحول واشتاق أن يعرف أسبابه وبواعثه من السياسية أو من خطرات الضمائر وبدوات النفوس. فلما أنبأه تلميذه أن الزعيم يتكلم عن السيد المسيح أصغى إليه وقال: أسمعني ما يقول!
وانطلق التلميذ يترجم ما عدده الزعيم من أسباب حبه المسيح وإيثاره عقائد النصرانية وهي: أن المسيح كان قائد ثورة وطنية نهض بأمته فأحياها بعد أن أماتها طمع الرومان وعسف الطغاة من الأمراء والكهان. وأن المسيح كان قائدا لثورة الإصلاح الاجتماعية كما كان قائدا لدعوة النهضة السياسية، فأنحى على الفساد والمفسدين وبشر بالطهارة من الرجس والرجاء في الخير والاستقامة. وأن المسيح كان مع دعوته القومية والاجتماعية داعيا إلى الثورة الدينية متمردا على الشعائر البالية والخرافات الموروثة والرياء الشائع بين أئمة الدين وأحباره، وأنه قد استطاع ما استطاعه وهو رجل فقير من بيت فقير في بلد فقير، فلم يكن وارث ألقاب وأموال، ولم يكن سليل أحبار وأقطاب، ولا كان له مظهر من مظاهر الدراسة الخاوية ولا التعليم الموقر بالنفايات والقشور، بل كان صاحب قلب كبير يستوحي العناية الربانية ويستلهم الفطرة السليمة، ويروي عن صفحات الكون ولا يروي ما حشيت به الأوراق وامتلأت به قماطر الهياكل.
قال المعري: أرأيت؟
قال التلميذ: ماذا أيها الحكيم؟
قال: إن الرجل قد دان بالمسيحية لأنه قد آخى بين حياته وحياة المسيح. واعتد نفسه مسيحا جديدا قام من سلالة الفقراء ومن لا يحسبون بين العلماء واختاره الله لإحياء الصين بما ابتعثه فيها من ثورة قومية على الطغاة والمغيرين ومن ثورة اجتماعية فيما سماه «الحياة الجديدة» وأوصى فيه بالتطهر والاستقامة والفداء، ومن ثورة دينية فيما أنكره على الكهان والشيوخ، فهو قد آمن بالمسيح لأنه يؤمن بنفسه، وهو قد أبغض الرومان لأنه يبغض «المانشو» واليابان وزمرة المتجرين بالأديان. •••
अज्ञात पृष्ठ