قال بتبلد: «لا يوجد ما يطمئن. لقد قتلتها.»
جاءه صوت ميريام حاسما ومرتفعا على نحو غير طبيعي، يكاد يكون له وقع الصراخ على أذنيه. «لم تقتلها! لو كانت الصدمة ستقتلها لكانت ماتت عندما أشهرت المسدس لأول مرة. أنت لا تعلم سبب وفاتها. حتما ماتت ميتة طبيعية. كان ذلك سيحدث في كل الأحوال. فقد كانت امرأة عجوزا وقلبها عليلا. أنت أخبرتنا بذلك. هذا لم يكن خطأك يا ثيو، فأنت لم تتعمد ذلك.»
كاد يئن قائلا لا لم أتعمد ذلك. لم أتعمد أن أكون ابنا أنانيا، أو والدا غير محب، أو زوجا سيئا. متى تعمدت أي شيء؟ بحق المسيح، ما الضرر الذي لم يكن بوسعي فعله لو أني بدأت أتعمد ذلك!
قال: «أسوأ ما في الأمر هو أني تلذذت به. تلذذت به فعليا!»
كانت ميريام تفرغ السيارة من حمولتها، وتحمل الأغطية على كتفها، عندما قالت: «تلذذت بتقييد رجل عجوز وزوجته؟ أنت حتما لم تتلذذ بذلك. لقد فعلت ما أملاه عليك الموقف.» «ليس تقييدهما، ليس ذلك ما أعنيه. بل أعني أني تلذذت بشعور الإثارة والسلطة، ومعرفتي أني بوسعي فعل ذلك. لم يكن الأمر مريعا تماما. بالطبع كان مريعا لهم، لكن ليس لي.» لم تتكلم جوليان، بل دنت منه وأمسكت بيده. رفض لفتتها والتفت إليها بحدة. «كم حياة أخرى سيكلفنا طفلك حتى يولد؟ ولأي غاية؟ أنت هادئة جدا ومطمئنة جدا، وواثقة من نفسك للغاية. تتحدثين عن طفلة. فكيف ستكون حياة تلك الطفلة؟ تؤمنين أنها ستكون أول طفلة تولد، وأن أطفالا آخرين سيولدون من بعدها، وأنه في تلك اللحظة حتى قد يكون ثمة سيدات حوامل لا يدركن بعد أنهن يحملن بداخلهن حياة جديدة للعالم. لكن ماذا إن كنت مخطئة. ماذا إن كانت تلك الطفلة هي الوحيدة التي ستولد. أي جحيم ذلك الذي ستلقينها فيه؟ هل بإمكانك حتى أن تتخيلي الوحدة التي ستشعر بها في سنواتها الأخيرة؛ بعد أن تقضي عشرين عاما مريعة ستمر عليها دون أي أمل في أن تسمع أذناها صوتا بشريا قط؟ قط! يا إلهي، ألا تملك أي منكما مخيلة؟»
قالت جوليان بهدوء: «أتظن أني لم أفكر في ذلك، بل في أكثر منه؟ ثيو، ليس بوسعي أن أتمنى لو أني لم أحمل بها. لا يسعني إلا أن أشعر بالبهجة عندما أفكر فيها.» دون إضاعة أي لحظة، كانت ميريام قد أخرجت حقيبة السفر والمعطفين من حقيبة السيارة وأنزلت الغلاية والإناء المملوءين بالماء.
كان صوتها يحمل انزعاجا لا غضبا: «بربك يا ثيو، تمالك نفسك. كنا بحاجة إلى سيارة فأتيت لنا بواحدة. ربما كان من الممكن أن تختار واحدة أفضل وأن تحصل عليها بخسائر أقل. لكنك فعلت ما فعلت. إن كنت تريد أن تستسلم للشعور بالذنب، فذلك شأنك، لكن لتؤجل ذلك لوقت لاحق. حسنا، لقد ماتت المرأة وأنت تشعر بالذنب، وهو ليس بالشعور الممتع. يا للأسف! اعتده. لم عليك الهروب من الإحساس بالذنب؟ إنه أحد تبعات كونك بشرا. أولم تلحظ ذلك؟»
أراد ثيو أن يقول: «في الأربعين سنة الأخيرة فاتني أن ألحظ العديد من الأمور.» لكنه شعر أن تلك الكلمات التي كان لها وقع الاستغراق في الندم كانت غير صادقة ومبتذلة. بدلا من ذلك، قال: «من الأفضل أن نتخلص من السيارة، وبسرعة. لقد أجاب البث عن سؤالنا بخصوصها.»
حل مكابح السيارة وأسند كتفه إلى صندوقها وهو يحاول أن يثبت قدميه في العشب الذي يتخلله الحصى، ممتنا لأن الأرض كانت جافة ومنحدرة قليلا. تولت ميريام الجانب الأيمن ودفعاها معا. لبضع ثوان، لم تنجح جهودهما لسبب غير معلوم. ثم ما لبثت السيارة أن تحركت للأمام برفق.
قال: «ادفعيها دفعة قوية عندما أقول لك. لا نريد أن تعلق مقدمتها في الوحل.»
अज्ञात पृष्ठ