فإذا حالة جواز الانفكاك ، لا تجامع حالة عدم الانفكاك ؛ فلا يلزم منه انقلاب الجائز مستحيلا.
فإن قيل : إذا جاز أن يكون السواد والبياض [معلومين (1) ] بعلمين. فلو جاز أن يكونا معلومين بعلم واحد ، فكل واحد من المعلومين يجوز أن يتعلق به علم لا يجوز تعلقه بالآخر ، (2) وعلم يجوز تعلقه بالآخر (2)، والعلمان : إما متماثلين ، أو غير متماثلين : فإن كان الأول فيلزم من تماثلهما اشتراكهما في أخص صفات النفس ، وأخص صفات نفس أحدهما : أنه لا يجوز تعلقه بالمعلوم / الآخر. وأخص صفات نفس العلم الآخر (3) جواز تعلقه بالمعلوم الآخر ؛ وذلك يجر إلى أن يكون كل واحد من العلمين يجوز تعلقه بالمعلوم الآخر ، ولا يجوز ؛ وهو محال.
وإن كانا غير متماثلين : فإما أن يكونا من قبيل ما يجوز اجتماعهما أولا :
فإن كان الأول : فيلزم منه جواز تعلق علمين بمعلوم واحد ؛ وهو ممتنع. وإلا كان العالم بالشيء عالما به مرتين ، وعاقل ما لا يجد ذلك من نفسه. كيف وأن أحد العلمين لا يكون مفيدا ؛ ضرورة كون ما يتعلق به معلوما.
وإن كان الثانى : فيلزم من عدم اجتماعهما ؛ استحالة اجتماع حكمهما. وإلا كان الحكم ثابتا دون موجبه ؛ وهو محال. والاجتماع بين حكمهما غير ممتنع (4)
فلقائل أن يقول :
المختار إنما هو القسم الثالث : وهو استحالة الجمع بين العلمين.
والقول بأنه لو استحال الجمع بين العلمين ؛ لاستحال الجمع بين حكميهما ؛ مسلم.
ولكن لا نسلم جواز الجمع بين الحكمين ، فإن حكم (5) كل واحد من العلمين : كون من قام به عالما.
وكما يمتنع الجمع بين الموجبين ، يمتنع الجمع بين الحكمين ، وإلا كان الحكم ثابتا دون موجبه ؛ وهو محال.
पृष्ठ 99