وبيانه : أن العلم بالسواد مثلا ، مما يجوز انفكاكه عن العلم بالبياض ؛ فلو كان العلم المتعلق بهما واحدا ؛ لما تصور انفكاك العلم بأحدهما عن العلم بالآخر ؛ وذلك محال ؛ لما فيه من انقلاب الجائز ممتنعا.
الثانى : أنه لو جاز أن يكون العلم الموجب لكون العالم عالما بالسواد ، وعالما بالبياض واحدا مع الاتفاق على تجويز أن يكون مختلفا ؛ لكانت الصفة الواحدة موجبة لما توجبه الصفات المختلفة من الأحكام. ولو جاز ذلك ؛ لجاز وجود صفة واحدة توجب ما يوجبه العلم والقدرة ، من كون العالم عالما ، والقادر قادرا ؛ وذلك (1) محال.
وحجته في الطرف الثانى من وجهين أيضا :
الوجه الأول : أنه إذا علم الواحد منا شيئا (2): فإما أن يكون عالما بعلمه بذلك الشيء أولا. لا جائز أن يكون غير عالم به ؛ وإلا لساغ أن يقال : إن الواحد منا عالم بجميع المعلومات ؛ ولكنه لا يشعر بكونه عالما : ولا يخفى أن حصول علم (3) الإنسان (3) وهو لا يشعر به ، محال.
وإن كان عالما بعلمه بذلك الشيء : فإما أن يكون علمه بعلمه بذلك الشيء ، هو علمه بذلك الشيء ، أو غيره.
لا جائز أن يقال بالمغايرة : وإلا كان (4) العلم بالعلم بذلك الشيء ، غير العلم بالعلم بذلك الشيء ؛ فيلزم منه التسلسل الممتنع.
وإن كان هو هو ؛ فهو المطلوب ؛ فإن العلم واحد ، والمعلوم مختلف ؛ وهو الشيء (5) والعلم به (5).
الوجه الثانى : أنه لما (6) امتنع الانفكاك بين كون العالم عالما بالشيء ، وبين كون ذلك الشيء معلوما ، ولزم من ذلك امتناع إضافة هذين الحكمين إلى علمين يكون أحدهما / موجبا لحكم العالمية ، والآخر موجبا لحكم المعلومية ، فكذلك إذا كانت
पृष्ठ 97