وإن كان الثانى : فلا خفاء بجوازه. ولا تخرج القضية بذلك عن أن تكون ضرورية ؛ إذ القضية الضرورية بهذا الاعتبار : هى التى يبادر العقل بالنسبة الواجبة لها بعد تصور مفرداتها من غير توقف على (1) نظر واستدلال ، وسواء كان العلم بالمفردات : ضروريا بهذا الاعتبار ، أو نظريا على ما أسلفنا تحقيقه.
وعلى هذا. فلا يمتنع خلو النفس عن العلم بهذه النسبة ، مع فرض عدم التصور للمفردات.
(2) فمن سلم بأن مثل هذا (2) العلم الضرورى لا تخلو النفس عنه مطلقا. وإنما لا تخلو (3) عنه مع فرض تصور المفردات (4)، والقول بأن العلم باستحالة (5) الجمع بين (5) الضدين نظرى ؛ فلا يخفى ما فيه من إنكار البديهة ، وإمكان (6) قول ذلك (6) في كل بديهى.
والقول بأنه يحسن الاستدلال على القائلين بالكمون ، والظهور ؛ فإنما يلزم أن لو كان استدلالا على استحالة الجمع بين الضدين ؛ وليس كذلك ، بل على استحالة ما يعتقدونه من الكمون والظهور. بما يفضى إليه من الجمع بين الضدين ، وفرق بين المقامين.
ومن قال من أصحابنا : إن العلم بكل واحد من الضدين ضرورى : إما أن يريد به الحقيقة ، أو الوجود.
فإن أراد به الحقيقة : فلا يخفى أن العلم بحقيقة السواد والبياض مثلا ؛ غير ضرورى. فإنه كم من عاقل انقضى عليه الدهر ، ولم يعلم حقيقتهما دون نظر واستدلال.
وإن أريد به العلم بوجود السواد والبياض عينا : بمعنى الوجود الخارجى ؛ فالوجود على أصل أصحابنا لا يزيد على الحقيقة. فإذا كانت الحقيقة غير معلومة ضرورة ، فكذلك الوجود.
पृष्ठ 93