A Question on the Imam Repeating the Prayer Without Those Who Prayed Behind Him in Congregation - Included in 'The Works of Al-Mu’allimi'
مسألة في إعادة الإمام الصلاة دون من صلى وراءه في الجماعة - ضمن «آثار المعلمي»
अन्वेषक
محمد عزير شمس
प्रकाशक
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤٣٤ هـ
शैलियों
الرسالة السادسة والعشرون
مسألة في إعادة الإمام الصلاةَ دون من صلَّى
وراءه في الجماعة
18 / 211
[كتب أحد العلماء إلى الشيخ المعلمي ما يلي:]
عمدتي المحقق الشيخ عبد الرحمن المعلمي حفظه الله وطوَّل عمره، آمين.
«لو بان حدث الإمام بعد الصلاة وقد صلّى بجماعةٍ لزمتْه الإعادةُ دونهم». فلم أقف على دليل هذا القول أبدًا ــ وقد طالعتُ وراجعت في محله ــ سوى تعليلات، كقولهم: نظرًا لاعتقاد المأموم تصح صلاته دون صلاة إمامه، مع أن الإمام غير مستقل بصلاته، بل هو حامل لصلاته وصلاةِ مَن خلفه. وكان القياس صحة صلاة مَن خلفه بصحة صلاته وبطلانها ببطلانها.
وأيضًا أن قولهم «لا عبرة في الخطأ البيّن خطؤه» يقتضي لزوم إعادة صلاة من خلف الإمام، حيث إنه تبيَّن لهم الخطأ البيِّن خطؤه.
والله يا سيدي! ما عرفتُ توجيه هذه المسألة ولا وقفتُ لها بدليل من كتاب وسنة، اللهم إلّا أن يكون إجماعًا. وأما القياس فغير قائلٍ لصحتها، بل يقتضي بطلانها على ما ظهر للحقير فحقِّقوا لنا، لا زلتم أهلًا لذلك.
وأما قولي «من كتاب وسنة» فعلى ما أوردت العلماء في كتبهم من النصوص، لا نفس الكتاب والسنة.
[فأجاب الشيخ بما يلي:]
الحمد لله.
لا يخفى عليكم أن الأصل في جميع الأعمال عدم الوجوب، فلا يجب علينا شيء إلا بدليل. وقد أُوجبت علينا الصلاة، وعلَّمنا النبي صلى الله عليه
18 / 213
وآله وسلم كيفيتها، فكان الأصل أنها تصح على كل حالة، ولكن جاء الدليل باشتراط الطهارة من الحدثين والنجس ثوبًا وبدنًا ومكانًا، واشتراط ستر العورة واستقبال القبلة ونحوها، فعُلِم أنها لا تصحُّ صلاة بدون ذلك، وأنها لا تنعقد معها، وإذا عرضت في أثنائها أبطلتها، على ما فيها من تفصيل. وكان الأصل عدم شرع جماعة، فشُرِعت. وكان الأصل أن لا يتحمل الإمام عن المأموم شيئًا، وأن فائدة الصلاة إنما هي مجرد الربط، فورد أنه من أدرك الإمام راكعًا فركع معه أدرك الركعة، فعلمنا أنه تحمَّل عنه الفاتحة، وورد إلزام المأموم بقراءة الفاتحة فعلمنا أنه لا يحمل عنه إلّا في حق المسبوق.
ثم الأصل أنها إذا انعقدت الصلاة لا يُبطلها إلا اختلال شرط في حقّ المصلي، فورد غيرها، كالكلام والأكل والعمل، وفيها تفصيل. وقام الدليل على أن التلبس بالعبادة الفاسدة باطل، فعلمنا أن ربط الصلاة بمن نعلم بطلانَ صلاته باطل، ولما لزم منه التلاعب لم تنعقد الصلاة، وأُلحِق به الكافر مطلقًا والمرأة وذو النجاسة الظاهرة لتقصير المقتدي، وحيث انتفى التلاعب والتقصير في حق المقتدي بالمحدث وذي النجاسة الخفية بقي على الأصل في عدم البطلان، فمن ادعى البطلان فعليه الدليل، إلّا أنه أُلحق بالبطلان الاقتداءُ بالكافر المخفي لكفره لغِلَظِ شأن الكفر، مع كونه لا يُتصور منه إمامةٌ أصلًا، بخلاف المحدِث فإنها تصح منه في حالة تيمُّمه، ولو نازعنا في بطلانها لمجرد التقصير لكان للنزاع حظٌّ من النظر، وبالأولى في حق الكافر المخفي لكفره.
أما الإجماع فلا إجماع، فالمسألة خلافية.
وأما الدليل فمثلنا يكتفي بكلام أهل الحواشي، وأهل الحواشي يكتفون
18 / 214
بكلام شرح «المنهاج» ونحوه، والشرَّاح يكتفون بكلام الشيخين، والشيخان يكتفيان بكلام الأصحاب، والأصحاب بكلام الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه، والعهدة عليه.
ولكننا نقول: قال الله ﷾: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: ١٦٤]، فلا يلزم من بطلان صلاة الإمام بطلان صلاة المأموم إلّا حيث وقع من المأموم تقصير، كأن كان إمامُه امرأةً أو كافرًا معلنًا أو ذا نجاسة ظاهرة. نعم قال الإمام النووي في «منهاجه» (^١): قلت الأصح المنصوص وقول الجمهور أن مُخفيَ الكفر هنا كمُعلِنه.
قال الشيخ عميرة (^٢): «علل الشافعي ﵁ مسألة الكافر بأنه لا يجوز أن يكون إمامًا، بخلاف الجنب كما في حالة تيممه».
ويُستدلُّ أيضًا بما رواه أبو داود (^٣) عن أبي بكرة أن رسول الله ﵌ دخل في صلاة الفجر، فأومأ بيده أن مكانَكم، ثم جاء ورأسُه يَقطُر، فصلَّى بهم. ورواه أيضًا من طريق أخرى (^٤) قال في أوله: «فكبَّر»، وقال في آخره: «فلما قضى الصلاة قال: إنما أنا بشر، إني كنت جنبًا». ورواه من طريق أخرى (^٥) مرسلًا، قال فيها: «فكبَّر ثم أومأ بيده ... إلخ». ثم حكى
_________
(^١) (١/ ٢٣٤).
(^٢) «حاشيته على شرح المحلّي» (١/ ٢٣٢).
(^٣) رقم (٢٣٣).
(^٤) رقم (٢٣٤).
(^٥) عقب الحديث (٢٣٤).
18 / 215
عن مالك روايتين مُثبِتتين للتكبير (^١). فربما يقوم بهذه الطرق دليل، وإن كانت الطرق الصحيحة تُثبت أنه انصرف قبلَ أن يكبر.
ووجه الاستدلال أنه يؤخذ من تلك الطرق أنه ﵌ لم يأمرهم باستئناف النية والتحريم، بدليل أنه إنما أومأ عليهم إيماءً، وإذا صحَّ جزءٌ من الصلاة خلف الجنب صحت كلها، ولا مانع، وبالأولى الحدث الأصغر والنجاسة ونحوها.
ومما يدلُّ له أيضًا قصة سيدنا عمر ﵁ حين طُعِن فاستخلف وأمضى المسلمون صلاتهم، وفيهم أكابر الصحابة رضوان الله عليهم، ولم يبالوا بكون إمامهم قد بطلت صلاته.
وأما قولكم: «لا عبرة بالخطأ البيِّن خطؤه»، فإنما هو: «لا عبرة بالظن البيِّن خطؤه». وهذا معتبر في العقود، كما عبَّروا عنه بقولهم: العبرة في العقود لما في نفس الأمر لا بما في ظن المكلّف. ومثاله: لو باع مال مورثه ظانًّا حياته، فبان أنه كان قد مات، فيصح. وأما في العبادات فقالوا: العبرة بما في نفس الأمر وبما في ظن المكلف معًا. فلو صلَّى خلف إنسان يظنُّه محدِثًا، فبان أنه كان متوضئًا، فصلاة المؤتمّ باطلة. وأما ما في نفس الأمر فيعتبر في العبادات إلّا حيثُ انتفى التقصير عن البحث، كما يظهر من كلامهم هنا. لكنهم في مسألة الكافر المخفي لكفره اعتبروه مع عدم التقصير. والله أعلم.
نعم قولكم: «إن الإمام حامل لصلاته وصلاة مَن خلفه» ما معناه: فإن
_________
(^١) عقب الحديث (٢٣٤).
18 / 216
المأمومين مكلفون بأداء جميع الأركان، كالنية والتحرم وقراءة الفاتحة، إلّا أن الإمام يتحمل الفاتحة عن المسبوق. وكذلك إذا بان حدثُ الإمام لم تجزِئ المسبوقَ تلك الركعةُ، لأن الإمام حينئذٍ لم يكن أهلًا للتحمل. ولا يُنكَر أن بين الإمام والمأموم رابطة قوية، بحيث يؤدي تمام صلاة الإمام إلى تمام صلاة المأموم ونقصها إلى نقصها، وكذا العكس، بدليل ما رواه النسائي (^١) أن رسول الله ﵌ صلَّى صلاة الصبح، فقرأ الروم، فالتبس عليه، فلما صلّى قال: «ما بال أقوام يصلُّون معنا لا يُحسِنون الطهور، وإنما يُلبِّس علينا القرآنَ أولئك». وفي هذا الحديث بحث اجتنيناه من كلام مولانا الإمام (^٢) أيَّده الله. أما أنه يؤدي بطلانها إلى بطلانها فلا يطلق ذلك، لما مرَّ. والله أعلم.
_________
(^١) (٢/ ١٥٦) من حديث شبيب أبي روح عن رجل من أصحاب النبي ﷺ. وهو حديث حسن.
(^٢) هو الإدريسي.
18 / 217