226

A Commentary on Jami` at-Tirmidhi - Al-Rajhi

شرح جامع الترمذي - الراجحي

शैलियों

شرح حديث: (كان رسول الله يقرئنا القرآن على كل حال ما لم يكن جنبًا)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ما جاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال مالم يكن جنبًا.
حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا حفص بن غياث وعقبة بن خالد قالا: حدثنا الأعمش وابن أبي ليلى عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي قال: (كان رسول الله ﷺ يقرئنا القرآن على كل حال مالم يكن جنبًا).
قال أبو عيسى: حديث علي هذا حديث حسن صحيح، وبه قال غير واحد من أهل العلم أصحاب النبي ﷺ والتابعين، قالوا: يقرأ الرجل القرآن على غير وضوء، ولا يقرأ في المصحف إلا وهو طاهر.
وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق].
الحديث أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة.
وقال المنذري: ذكر أبو بكر البزار أنه لا يروى عن علي إلا من حديث عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة.
وحكى البخاري عن عمرو بن مرة: كان عبد الله -يعني ابن سلمة - يحدثنا فنعرف وننكر، وكان قد كبر، لا يتابع في حديثه.
وذكر الإمام الشافعي ﵁ هذا الحديث، وقال: لم يكن أهل الحديث يثبتونه، قال البيهقي: وإنما توقف الشافعي في ثبوت هذا الحديث لأن مداره على عبد الله بن سلمة الكوفي، وكان قد كبر وأنكر من حديثه وعقله بعض النكرة، وإنما روى هذا الحديث بعد ما كبر، قاله شعبة، هذا آخر كلامه.
وذكر الخطابي أن الإمام أحمد بن حنبل ﵁ كان يوهن حديث علي هذا، ويضعف أمر عبد الله بن سلمة، انتهى كلام المنذري.
والحديث فيه عبد الله بن سلمة -بكسر اللام- المرادي الكوفي يروي عن عمر وعلي ومعاذ وصفوان بن عسال.
وعنه: عمرو بن مرة وأبو إسحاق السبيعي وأبو الزبير المكي.
قال البخاري: لا يتابع في حديثه.
ووثقه العجلي، وأخرج له الأربعة، قال البخاري في خلق أفعال العباد: لا يتابع في حديثه.
وفيه عمرو بن مرة بن عبد الله بن طارق الجملي المرادي الكوفي الأعمى، وهو ثقة عابد كان لا يدلس، ورمي بالإرجاء.
وفيه ابن أبي ليلى وهو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو صدوق سيء الحفظ جدًا، إذًا: فيه محمد بن أبي ليلى، وفيه عبد الله بن سلمة هذا صدوق وهذا سيئ الحفظ اجتمعا، فيحتاج الحديث إلى متابعة.
وننقل هنا كلام أحمد شاكر في المتابعة، قال: وعبد الله بن سلمة هذا قال العجلي: تابعي ثقة، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة، يعد في الطبقة الأولى من فقهاء الكوفة بعد الصحابة، وقد توبع عبد الله بن سلمة في معنى حديثه هذا عن علي، فارتفعت شبهة الخطأ عن روايته إذا كان سيئ الحفظ في كبره كما قالوا.
فقد روى أحمد في المسند: حدثنا عائذ بن حبيب حدثني عامر بن السمط عن أبي الغريف قال: (أُتي علي ﵁ بوضوء فمضمض واستنشق ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، وغسل يديه وذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجليه، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله ﷺ توضأ، ثم قرأ شيئًا من القرآن، ثم قال: هذا لمن ليس بجنب، فأما الجنب فلا ولا آية).
وهذا إسناد صحيح جيد.
عائذ بن حبيب أبو أحمد العبسي شيخ الإمام أحمد ثقة، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الأثرم: سمعت أحمد ذكره فأحسن الثناء عليه، وقال: كان شيخًا جليلًا عاقلًا، ورماه ابن معين بالزندقة، ورد عليه أبو زرعة بأنه صدوق في الحديث.
وعامر بن السمط -بكسر السين المهملة وإسكان الميم- وثقه يحيى بن سعيد والنسائي وغيرهما.
وأبو الغريف -بفتح الغين المعجمة، وكسر الراء وآخره فاء- اسمه عبيد الله بن خليفة الهمداني المرادي، ذكره ابن حبان في الثقات، وكان على شرطة علي، وأقل أحواله أن يكون حسن الحديث تقبل متابعته لغيره.
ا.
هـ.
والشيخ أحمد شاكر ﵀ متساهل في التصحيح والتضعيف، فيصحح لبعض الضعفاء، وقد يقال: إن الطريقين يشد أحدهما الآخر، فيكون الحديث حسنًا.
وعبيد الله بن خليفة المرادي أبو الغريف الكوفي يروي عن علي وابنه الحسن، وعنه أبو روح وعطية والأعمش، قال أبو حاتم: تكلموا فيه ووثقه ابن حبان.
ويدل الحديث على أن الجنب لا يقرأ القرآن، وأما غير الجنب فإنه يقرأ، ويذكر الله في جميع أحواله، وكذلك الجنب يذكر الله بجميع أنواع الذكر إلا القرآن.
وهذا هو اختيار سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ﵀، أن الحديث لا بأس به وأن الجنب لا يقرأ القرآن؛ لحديث أبي الغريف: (فأما الجنب فلا ولا آية) ولهذا الحديث -حديث عبد الله بن سلمة - عن علي ﵁ قال: (كان رسول الله ﷺ يقرئنا القرآن على كل حال ما لم يكن جنبًا)].
فهذان الحديثان يشد بعضهما بعضًا، أما الحائض والنفساء فاختلف العلماء فيهما، فالجمهور قاسوا الحائض والنفساء على الجنب، وقالوا: إنهما لا تقرآن القرآن قياسًا على الجنب، واستدلوا -أيضًا- بحديث ضعيف فيه أن الحائض والنفساء لا تقرآن.
والقول الثاني لأهل العلم: أن الحائض والنفساء لا تقاسان على الجنب؛ لأن هذا قياس مع الفارق؛ لأن الجنب مدته قصيرة، ويستطيع أن يغتسل ويقرأ القرآن، بخلاف الحائض والنفساء، فإن مدتهما تطول، فقد تطول مدة النفاس إلى أربعين يومًا فتنسى القرآن إذا كانت حافظة، وقد تكون مدرسة أو طالبة تحتاج إلى قراءة القرآن، فلماذا تمنع هذه المدة الطويلة بغير دليل؟! والقياس على الجنب قياس مع الفارق، والحديث ضعيف، ولهذا ذهب جمع من أهل العلم إلى أن الحائض والنفساء تقرآن من غير مس المصحف.
وإذا قرأ الجنب الآية بنية الذكر لا بنية القراءة (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) فنعم، وإن كان بنية قراءة القرآن فلا.

16 / 6