الاستنباط، وقد تُحذف من الممثَّل له مقاطع أيضًا، ويبقى في دلالات الألفاظ أو لوازم المعاني ما يدلّ على المحذوف.
واجب الدّعاة:
وعلى الدُّعاة إلى سبيل الله بالحِكْمة والموعِظَة الحسَنَة أنْ ينتفعوا من هذا العنصر من عناصر الجمال الأدبي، ويهتدوا بهَدْي كتاب الله وهَدْي سنّة رسول الله ﷺ في ذلك، فكم فيهما من أمثال رائعات.
وللقارىء أنْ يرجع إلى كتابي: "أمثال القرآن وصور من أدبه الرفيع".
***
خامسًا - السطح والعمق:
ومن عناصر الجمال والكمال الأدبيّ الرفيع في الكلام أنْ يكون له سطح تفهمه العامّة دون غموض ولا ارتباك ذهنيّ، وأنْ يكون له مع ذلك عمقٌ تفهمه الخاصّة بالتأمّل والتعمُّق وإعمال الذكاء.
ولا يستطيع تقديم بيان رفيع مثل هذا البيان الذي له سطح وعمق إلاَّ نوابغ البلغاء الأذكياء.
والقُدوة الهادية لهؤلاء النوابغ بلاغة القرآن المعجز. إنّ المتدبِّر لكلام الله ﷿ في القرآن يلاحظ عجبًا، إنّه إلى آية فيفهمها، ويأخذ منها دلالة صحيحة ينتفع منها انتفاعًا عظيمًا.
ثمّ تأتيه نفحات في تدبُّر آخر، فيفهم من الآية معانيَ جديدة لم ينتبه إليها في التدبُّر الأول، وهذه المعاني لا تتعارض مع ما فهمه في التدبُّر الأوّل إذا كان تدبُّرًا صحيحًا. بل تعطيه إضافات متمِّمة لما كان قد تدبَّره من قبل.
ثمّ كلّما تعمَّق في التدبُّر تواردت عليه مفاهيم جديدة تتكامل بها لديه المعرفة المتعلِّقة بدلالة الآية.