في نفس الشارع جوار الباب الكبير، ثم بعد ذلك فتح دكانا كبيرا يبيع مواد غذائية في شارع ... كان يخبر الناس أنه يدير المحل فقط، ثم قال إنه أصبح شريكا مع صاحب المحل. توسعت تجارته وبدأ بالتهريب. هرب: الذهب، السيارات، السيجارة الرثمان، الأدوية ... حتى الآن لا يعرف أحد من هو شريكه الذي يقوم بتسهيل كل أعماله له، ويدفع الضرائب والزكاة.
مد زربة رجله اليمنى على الرصيف ثم قذف بعقب السيجارة وقال: سمعت أنه بنى مسجدا في قريته بعد الذي بناه في تعز. - نعم، يا زربة هو يعمل الخير. يقف الفقراء طوابير أمام متجره في شهر رمضان. - لكن هذه فلوس حرام! - هو يطهر فلوسه بالصدقات، والصدقات تمحو السيئات! الآن هو شخص من الكبار يشتي
37
يرشح نفسه في مجلس النواب. لا ندري من أين حصل على الشهادة الثانوية.
حصل زربة على عمل في تعز وبقي هناك، لا يحلو له الغداء إلا والقات الصبري في جيبه. ذاك القات كان المصدر الوحيد للمدينة في السبعينيات من القرن الماضي، تبيعه نساء بجانب الرجال. كان زربة في شبابه يشتري القات من فتاة صبرية اسمها نسيم، في سوق باب موسى، ذلك الباب يذكره بما درسه عن دولة بني رسول، التي استمرت تحكم اليمن مائتين وخمسين عاما، وكان نظامها الإداري متميزا في ذلك الزمان على من حولها من الدول وتقدمت اليمن في علوم شتى.
لم تكن أقراص البروفين تهدئ وجع الأسنان فحسب؛ بل تزيد مفعول القات، وتزيل الفتور الذي أصاب ساعديه مؤخرا، فقد شعر بالحسرة وهو يحاول حمل فاطمة زوجة المرحوم عاقل القرية، حين أخذوها إلى تعز لمعالجته من ورم خبيث في الرحم. سأل الطبيب عن مسببات هذا المرض، فأخبره الطبيب أن أحد أسبابه هو مضغ القات، نتيجة لرشه بمواد كيماوية، وكذلك الشمة ... بعد أن استمع زربة إلى تحذيرات الطبيب، خرج مباشرة إلى سوق القات واشترى ثلاث حزم قات، وكيسين شمة. وضع قليلا منها تحت شفته العليا وراح يمضغ القات على رصيف شارع عصيفرة. فرش تحته كرتونا صغيرا واتكأ على حجرة لمضغ القات، بجواره شاب أمامه علبة مشروب «شارك» المقوي للطاقة، مزج معه قرص بروفين، وبارامول، وفاليوم. ابتلع زربة ثلاثة أقراص بروفين معا. تفاجأ الشاب وقال: يا عم، ما توجعكش معدتك؟ - أنا معدتي حديد، أبلع عشرة أقراص في اليوم. - لكن هذا خطر عليك! - ضروسي توجعني، أطباء الأسنان طماعين. مقدرش أتعالج عندهم.
سمع زربة صوت أذان العصر، فأخرج النثارة الخضراء من فمه، ووضعها في كيس بلاستيك صغير وربطها جيدا؛ لمضغها مرة أخرى بعد عودته من الصلاة، كغيره من متعاطي القات حين يذهبون إلى الصلاة أو العشاء. في المساء ذهب إلى بيت حسن مقبل الدسم مع سمير ناجي المقشش ونادر عبد القوي، يشاهدون قناة الجزيرة وهي تبث المظاهرة العظيمة الضخمة مباشرة من ميدان التحرير لمدينة القاهرة، تطالب برحيل نظام حسني مبارك. كان زربة يستمع إلى الحديث الذي يدور بين الشابين. صاح سمير بحماس وهو يرفع يده عاليا: تسقط الأنظمة الدكتاتورية العميلة. هذه ثورة الشعوب ضد العسكر.
قال نادر: تعتقد سيسقط نظام مبارك؟ - نعم، مثل ما سقط نظام بن علي في تونس. سيسقط العملاء، يريدون أن يورثوا الحكم لأبنائهم مثل الملوك. - يا أخي، النظام في مصر معه علاقات مع إسرائيل، ولن يسمح الغرب بسقوطه. - لا، يا نادر، هذه ثورات وطنية ضد العملاء. - يمكن يكون الغرب يريد وجوها جديدة في الوطن العربي، بدلا عن التي شارفت على انتهاء صلاحيتها.
ضحك زربة وقال: والله يا نادر إن عقلك نادر، أعجبني كلامك.
كان زربة كغيره يتابع الأحداث السياسية في الوطن العربي، وما يدور في بلادنا، فقد صرح المتحدث باسم اللقاء المشترك بالنزول إلى الشارع لفرض مطالبهم.
Shafi da ba'a sani ba