أحس سعد الوطواط بألم آخر ضرسين، فسافر إلى تعز للعلاج وركب له طقم أسنان، لكنه أعاده للطبيب بعد ثلاثة أيام بحجة واهية. قال لزربة إنه حين مضغ القات بطقم الأسنان لم يجد للقات طعما، وفضل أن يعيش أدرد يأكل العصيدة. واشترى له مدقا حديديا ليطحن به القات.
18
بلغ زربة الخمسين من العمر وازداد ألم ضروسه أثناء تناول الحلاوة، فكان يزردها دون مضغ وكذلك العنب أو أي شيء حلو. سافر إلى تعز ليشتري له دواء مهدئا للألم وبقي هناك عند ولده نجيب وهو يدرس في الجامعة صباحا ويعمل في المساء حمالا مع تجار قرية نجاد. خلال بقاء زربة في تعز وجد سعيد السلفي في شارع عصيفرة في زيارة لأحد أقربائه. جلسا معا يتحدثان فأخبر زربة أنه عائد إلى دماج عن طريق الحديدة-حجة، وأقنعه بالسفر معه إلى مدينة الحديدة للنزهة. عند وصولهم ذهبوا إلى سوق القات فشاهد زربة حزمة قات شامي بحجم إطار سيارة صغيره، يحملها رجل على رأسه. قال زربة بذهول وقد اتسعت عيناه: ما أكبر هذه الزرباااااااة! شتكفيني ثلاث أيام. - يا زربة هذي الزربة تكفي ثلاثين شخصا. هذا قات شامي من شام حجة، تباع في المزاد العلني، انتظر قليلا سترى بكم ستباع. هذا القات يهرب إلى السعودية.
بدأ المزاد وارتفع سعر تلك الحزمة إلى خمسين ألف ريال، ما يقابل ألفين وخمسمائة دولار. ثم رأى المشتري يقسمها إلى حزم صغيرة بحجم قبضة اليد، وباع الحزمة الواحدة بألفي ريال. وجد زربة في جيبه ألفا وخمسمائة ريال واستدان الباقي من سعيد، ثم ذهب يأكل وجبة خفيفة على الغداء، واتجه الاثنان بعد ذلك لمضغ القات على شاطئ البحر. كان هناك نساء يتخبطن في الماء بثيابهن وهن يسبحن بجوار أقاربهن . تحدث زربة عن سير العمل في مشروع المياه، الذي حصل عليه الشيخ ناشر جحاف منحة من منظمة دولية. حدثه سعيد عن عمله في مدينة حرض وعن دماج، وعن مدرسة دار الحديث وكم استقطب طلابا إلى المدرسة، وأخذ يشيد بمقبل بن هادي الوادعي: شيخنا مؤسس الدار، حصل على رسالة ماجستير في علم الحديث من جامعة سعود وهو أحد أقطاب العلم في الجزيرة العربية، لكن بعد أن وهن بدنه حدث بعض الاختلاف في الرأي بين أتباعه، الشيخ محمد سرور من جهة، الذي أسس دار الحكمة اليمانية الخيرية، ثم انشقت عنها جمعية الإحسان الخيرية والشيخ يحيى الحجوري من جهة ثانية، والشيخ أبي الحسن المأربي، أما أنا فسرت مع أتباع السروري.
استمر سعيد يتحدث عن دار الحديث، وكان يظن أن زربة يستمع إلى ما يقوله عن السلفية التي يرى أنها الفرقة الناجية. حينها كان زربة يستمتع بالقات الذي لم يذق مثله في حياته، ويرى نفسه يحلق كالنسر فوق أشجار القات الشامي في شعاب حجة، وتخيل أنه تزوج امرأة تملك مزارع القات في أحد جبال حجة، كان نصفه الأعلى لا يصلح للزراعة، فقام ببناء مدرجات إسمنتية فيه حتى قمة الجبل، وأحضر لها ترابا خصبا، واشترى لها محطة تحلية في البحر ومد أنبوب المياه إلى خزان في قمة الجبل، ثم زود كل حقل بأنابيب المياه العذبة، وخصص له حقلا لا يرشه بالمواد الكيماوية.
خرجت النساء من البحر، والثياب ملتصقة بأجسادهن في منظر مغر، وقفن على الصخور لتجفيف ثيابهن. أشاح سعيد ببصره عنهن واستعاذ بالله من الشيطان، والتفت نحو زربة وقال بصوت مرتفع مما أخرج زربة من عالم القات: بجوار عملي كمدرس لدي دكان في حرض لبيع الملابس يعمل به ابن أختي. ما رأيك أن تأتي معي وتعمل هناك، ستجد القات الشامي رخيصا هناك.
في اليوم الثاني سافرا إلى مدينة حرض، وأثناء السفر قال سعيد لزربة: ما رأيك أن تحضر أبناءك للدراسة في دار الحديث، الدراسة هناك مجانا والسكن والطعام كذلك، ويوجد سكن خاص للمتزوجين، لدينا هناك حي كبير فيه أكثر من ألفي منزل صغير، حياتنا هناك كعيشة الصحابة في المدينة المنورة. هي هجرة في سبيل الله. ابنك نجيب ومنير في الجامعة لن يجدا لهما وظائف بعد التخرج، لكن لو التحقا في الدار سيجدون لهم وظائف. ها، ماذا قلت؟ - منو
51
يصرف
52
Shafi da ba'a sani ba