جلس زربة يمسح الأتربة عن الأوراق ويمضغها، ثم راحا يفتشان عن نقودهما ويجففانها. وبعد نصف ساعة حمل زربة صاحبه على ظهره، ومن حسن حظه أن الحطاب كان خفيفا، فانطلق يصعد به طريقا وعرا نحو قريتهما. مرا على قرى عدة صادفا فيها الكثير من الأهالي، سألوا زربة إن كان بحاجة إلى مساعدة، فقال لهم: الحطاب وزنه مثل حزمة حطب شحمله لما الراهدة. وهي مدينة تبعد ست ساعات مشيا من قريته.
8
وصل زربة إلى القرية التاسعة ليلا والحطاب على ظهره. حين شاهدت مريم زوجها على ظهر زربة صاحت وأجهشت بالبكاء، لم تهدأ إلا حين سمعت سالم يتحدث: ما فيش بي حاجة يا مكلف.
32
زربة أنقذني من السيل. كنت شموت.
تناقل أهل القرية عودة زربة وهو يحمل الحطاب على ظهره، فأقبلوا إلى دار الحطاب أولا ليروا ما جرى له، وجدوه يرتجف من البرد تحت البطانية، ثم ذهبوا إلى زربة ليسهروا معه. وجدوا القات على أرضية الغرفة في منظر أبهجهم، بعد أن نظفه من الأتربة العالقة فيه. أخبرهم زربة ما حدث لهما مع السيل، فضحكوا وهو يصف لهم ذلك المشهد، فحمدوا الله على نجاتهما. جلسوا يمضغون القات، ويتحدثون فيما بينهم، ثم راحوا ينصتون لحديث منصور النحال عن الكابوس الذي أرعبه الليلة الماضية لم يمضغ فيها القات. رأى في منامه أنه كان يمشي في جبل عصران وحيدا، فظهر له فجأة رجل عملاق، وقبض على رقبته. حاول منصور أن يفلت منه فلم يقدر فاستنجد، لكن صوته لم يخرج من فمه، قذف به العملاق من قمة الجبل، وظل يهوي في الجو وقبل أن يرتطم على الأرض قام من نومه يلهث وهو يرتجف من الفزع.
ضحك الوطواط وقال: حقك الدكاك
33
بسيط. ثم حدثهم عما جرى له ذات يوم لم يمضغ فيه القات: قلت شرتاح من القات، وفي الليل حلمت، أن رأسي صار رأس كلب، كنت اشتي أنبح وما قدرتش.
34
Shafi da ba'a sani ba