ففغر المعلم فاه، فانفرجت شفتاه الغليظتان عن أسنانه الذهبية وقال: ماذا تقول؟
فلزم الفتى الصمت مقطبا، واستدرك المعلم: جلمان؟! ما هذا؟ .. صنف حشيش جديد؟!
فقال حسين متذمرا: أعني رجلا نظيفا. - ولكنك وسخ، فكيف تريد أن تكون نظيفا .. يا جلمان!
وضاق حسين بتهكم أبيه فقال منفعلا: أبي، أريد أن أحيا حياة جديدة، هذا كل ما هنالك، وسأتزوج من بنت ناس! - بنت جلمان! - بنت ناس طيبين. - ولماذا لا تتزوج بنت كلب كما فعل أبوك؟!
فتأوهت أم حسين قائلة: الله يرحمك يا أبي، كنت فقيها وقورا.
فالتفت نحوها بوجهه المربد وقال: فقيه! .. كان قارئ قبور، يتلو السورة بمليمين!
فقالت المرأة متوجعة: كان يحفظ كلام الله وكفى!
تحول عنها المعلم واقترب خطوات فصار من ابنه على بعد ذراع، وسأله بصوت مخيف: حسبنا كلاما، فليس لدي من وقت أضيعه بين مجانين، أتريد حقا أن تترك هذا البيت؟!
فلم حسين أطراف شجاعته وقال باقتضاب: نعم.
فأدام المعلم النظر إليه مليا، ثم ثارت ثائرته بغتة، فضربه براحته على وجهه. ولم يستطع الفتى أن يتفادى الضربة العنيفة فتلقاها بحنق جنوني، وابتعد عن الرجل وهو يصيح: لا تضربني، لا تمسسني، لن تراني بعد اليوم.
Shafi da ba'a sani ba