وثارت لذلك مسألة فقهية، وهي: هل يجوز أن يكون الوزير من أهل الذمة أم لا؟ فقال صاحب «العقد الفريد للملك السعيد»: «وهل يشترط في هذا الوزير - أي وزير التنفيذ ولا وزير التفويض «الإسلام»، حتى لو أقام السلطان وزير تنفيذ من أهل الذمة كان جائزا أم لا؟ اختلفت آراء الأثمة في ذلك؛ فذهب عالم العراق الإمام أبو الحسن علي بن حبيب البصري - رحمه الله - إلى جوازه، وذهب عالم خراسان إمام الحرمين أبو المعالي الجويني إلى منعه، وعد تجويز ذلك من عالم العراق عثرة لن تقال، وخطأ فيما قال؛ وهذا بخلاف وزارة التفويض فإن هذه الشروط معتبرة من جملة ما تقدم بيانه من الأوصاف في حق المباشر لها».
113
واتسعت سلطة اليهود والنصارى في أيام الفاطميين بمصر، فمن أشهرهم يعقوب بن كلس. قال ابن عساكر : «إنه كان يهوديا من أهل بغداد خبيثا ذا مكر، وله حيل ودهاء، وفيه فطنة وذكاء. ونزل مصر أيام كافور الإخشيدي فرأى منه فطنة وسياسة ومعرفة بأمر الضياع؛ فقال: لو كان مسلما لصلح أن يكون وزيرا! فطمع في الوزارة فأسلم ... ثم هرب إلى المغرب واتصل بيهود كانوا مع المعز وخرج معه إلى مصر.» «وولي الوزارة للعزيز نزار بن المعز وعظمت منزلته عنده، وأقبلت عليه الدنيا، وانثال الناس عليه ولازموا بابه؛ ومهد قواعد الدولة وساس أمرها أحسن سياسة، ولم يبق لأحد معه كلام.»
114
وكان ابن كلس يأخذ من العزيز في كل سنة مائة ألف دينار، ووجد له من العبيد والمماليك أربعة آلاف غلام، ووجد له جوهر بأربعمائة ألف دينار، وبز من كل صنف بخمسمائة دينار.
115
وأكثر الشعراء مدائحه، قال ابن خلكان: ولقد نظرت في ديوان أبي الرقعمق الشاعر فوجدت أكثر مديحه في الوزير المذكور، وفيه يقول من قصيدة:
كل يوم له على نوب الده
ر وكر الخطوب بالبذل غاره
ذو يد شأنها الفرار من البخ
Shafi da ba'a sani ba