الزّهْد والورع قَالَ شيخ الاسلام ﵀ قد كتبت فِي كراسة الْحَوَادِث فضلا فِي جماع الزّهْد والروع وَأَن الزّهْد هُوَ عَمَّا لَا ينفع اما لانفاء نَفعه أَو لكَونه مرجوحا لِأَنَّهُ مفوت لما هُوَ أَنْفَع مِنْهُ أَو مُحَصل لما يَرْبُو ضَرَره على نَفعه وَأما الْمَنَافِع الْخَالِصَة أَو الراجحة فالزهد فِيهَا حمق وَأما الْوَرع فَإِنَّهُ الامساك عَمَّا قد يضر فَتدخل فِيهِ الْمُحرمَات والشبهات لِأَنَّهَا قد تضر فَإِنَّهُ من اتَّقى الشُّبُهَات اسْتَبْرَأَ لعرضه وَدينه وَمن وَقع فِي الشُّبُهَات وَقع فِي الْحَرَام كَالرَّاعِي حول الْحمى يُوشك أَن يواقعه وَأما الْوَرع عَمَّا لَا مضرَّة فِيهِ أَو فِيهِ مضرَّة مرجوحة لما تقترن بِهِ من جلب مَنْفَعَة راجحة أَو دفع مضرَّة أُخْرَى راجحة فجل وظلم وَذَلِكَ يتَضَمَّن ثَلَاثَة أَقسَام لَا يتورع عَنْهَا الْمَنَافِع الْمُكَافَأَة والراجحة والخالصة كالمباح المحص أَو الْمُسْتَحبّ أَو الْوَاجِب فان الْوَرع عَنْهَا ضَلَالَة وَأَنا أذكر هُنَا تَفْصِيل ذَلِك فَأَقُول الزّهْد خلاف الرَّغْبَة يُقَال فلَان زاهد فِي كَذَا وَفُلَان رَاغِب فِيهِ وَالرَّغْبَة هِيَ من جنس الارادة وَالْكَرَاهَة بِحَيْثُ لَا يكون لَا مرِيدا لَهُ كَارِهًا وَلَا كَارِهًا لَهُ وكل من لم يرغب فِي الشَّيْء ويريده فَهُوَ زاهد فِيهِ وكما أَن سَبِيل الله يحمد فِيهِ الزّهْد فِيمَا زهد الله فِيهِ من فضول الدُّنْيَا فتحمد فِيهِ الرَّغْبَة والارادة لما حمد الله ارادته وَالرَّغْبَة فِيهِ وَلِهَذَا كَانَ أساس الطَّرِيق الارادة كَمَا قَالَ تَعَالَى وَلَا تطرد الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ
1 / 50