الْقلب بَين الْحبّ وَالْخَوْف وَالْقلب يغرق فِيمَا يستولي عَلَيْهِ اما من مَحْبُوب وَإِمَّا من مخوف كَمَا يُوجد من محبَّة المَال والجاه والصور والخائف من غَيره يبْقى قلبه وعقله مستغرقان فِيهِ كَمَا يغرق الغريق فِي المَاء فَلَا بُد أَن يستولي عَلَيْهَا مَا يُحِيط بهَا من الْأَجْسَام والقلوب يستولي عَلَيْهَا مَا يتَمَثَّل لَهَا من المخاوف والمحبوبات والمكروهات فالمحبوب يَطْلُبهُ وَالْمَكْرُوه يَدْفَعهُ والرجاء يتَعَلَّق بالمحبوب وَالْخَوْف يتَعَلَّق بالمكروه وَلَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ الا الله وَلَا يذهب السَّيِّئَات الا الله وَإِن يمسسك الله بضر فَلَا كاشف لَهُ الا هُوَ وَإِن يردك بِخَير فَلَا راد لفضله يُصِيب بِهِ من يَشَاء من عباده وَهُوَ الغفور الرَّحِيم وَمَا بكم من نعْمَة فَمن الله ثمَّ اذا مسكم الضّر فإليه تجئرون واذا دَعَا العَبْد ربه باعطاء الْمَطْلُوب وَدفع المرهوب جعل لَهُ من الايمان بِاللَّه ومحبته ومعرفته وتوحيده ورجائه وحياة قلبه واستنارته بِنور الايمان مَا قد يكون أَنْفَع لَهُ من ذَلِك الْمَطْلُوب ان كَانَ عرضا من الدُّنْيَا وَأما إِذا طلب مِنْهُ أَن يُعينهُ على ذكره وشكره وَحسن عِبَادَته وَمَا يتبع ذَلِك فَهُنَا الْمَطْلُوب قد يكون أَنْفَع من الطّلب وَهُوَ الدُّعَاء وَالْمَطْلُوب الذّكر وَالشُّكْر وَقيام الْعِبَادَة على أحسن الْوُجُوه وَغير ذَلِك وَهَذَا لبسطه مَوضِع آخر اسْتِيلَاء الشَّهَوَات والأهواء على الْقُلُوب والمقصور أَن الْقلب قد يغمره فيستولي عَلَيْهِ مَا يُريدهُ العَبْد وَيُحِبهُ وَمَا يخافه ويحذره كَائِنا من كَانَ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى بل قلبوبهم فِي
1 / 34