تَعَالَى ان النَّفس لأمارة بالسوء الا مَا رحم رَبِّي ان رَبِّي غَفُور رَحِيم وَلَكِن مَا يَأْمر بِهِ من الْأَفْعَال المذمومة فأحدها مُسْتَلْزم للْآخر فاتباع الْأَمر هُوَ فعل الْمَأْمُور وَاتِّبَاع أَمر النَّفس هُوَ فعل مَا تهواه فعلى هَذِه يعلم أَن اتِّبَاع الشَّهَوَات وَاتِّبَاع الْأَهْوَاء هُوَ اتِّبَاع شَهْوَة النَّفس وهواها وَذَلِكَ يفعل مَا تشتهيه وتهواه بل قد يُقَال هَذَا هُوَ الَّذِي يتَعَيَّن فِي لفظ اتِّبَاع الشَّهَوَات والأهواء لِأَن الَّذِي يَشْتَهِي ويهوى انما يصير مَوْجُودا بعد أَن يَشْتَهِي ويهوى وَإِنَّمَا يذم الانسان اذا فعل مَا يشتهى ويهوى عِنْد وجود فَهُوَ حِينَئِذٍ قد فعل وَلَا ينْهَى عَنهُ بعد وجوده وَلَا يُقَال لصَاحبه لَا تتبع هَوَاك وَأَيْضًا فالفعل المُرَاد المشتهى الَّذِي يهواه الانسان هُوَ تَابع لشهوته وهواه فَلَيْسَتْ الشَّهْوَة والهوى تَابِعَة لَهُ فاتباع الشَّهَوَات هُوَ اتِّبَاع شَهْوَة النَّفس واذا جعلت الشَّهْوَة بِمَعْنى المشتهى كَانَ مَعَ مُخَالفَة الأَصْل يحْتَاج الى أَن يَجْعَل فِي الْخَارِج مَا يشتهى والانسان يتبعهُ كَالْمَرْأَةِ الْمَطْلُوبَة أَو الطَّعَام الْمَطْلُوب وَإِن سميت الْمَرْأَة شَهْوَة وَالطَّعَام أَيْضا كَمَا فِي قَوْله ﷺ كل عمل ابْن آدم لَهُ الا الصّيام فَإِنَّهُ لي وَأَنا أجزي بِهِ يدع طَعَامه طَعَامه وَشَرَابه وشهوته من أَجلي أَي بترك شَهْوَته وَهُوَ إِنَّمَا يتْرك مَا يشتهيه كَمَا يتْرك الطَّعَام لَا أَنه يدع طَعَامه بترك الشهوتة الْمَوْجُودَة فِي نَفسه
1 / 26