Shugabannin Gyara a Zamanin Zamani
زعماء الإصلاح في العصر الحديث
Nau'ikan
حينا، وخدمت الأفكار بالتدريس وقتا، وبالخطابة والجرائد آونة - واتخذت هذه المتاعب وسائل لهذا المقصد الذي وصلت إليه بعناء كسائي نحول الشيخوخة في زمن بضاضة الصبا، وتوجني بتاج الهرم الأبيض بدل صبغة الشباب السوداء. فصورتي تريك هيئة أبناء السبعين، وحقيقتي لم تشهد من الأعوام إلا تسعة وثلاثين».
وربما كان أعظم شيء فيه ثباته على مبدئه؛ باع نفسه لأمته حسبما يعتقد الخير لها، ولم يتحول عن ذلك على كثرة من تحول في مثل مواقفه. هؤلاء زعماء الثورة العرابية حاولوا أول أمرهم ينكروا ما فعلوا، فلما لم ينفعهم إنكارهم وعوقبوا عادوا وخضعوا، وعاشوا في مسألة ومهاودة. أما هو فلم ينكر ما قال. ولقي في مخبئه الأهوال. وكان جديرا بمن لقي ذلك كله أن يهدأ، وإذا هدأ فلا لوم عليه. ولكنه ظل يجاهد، وينفي فيجاهد، ويعفي عنه فيجاهد. ويحذر فلا يحذر، ويطمع فلا يطمع، حتى لقى مولاه رحمه الله.
السيد عبد الرحمن الكواكبي (1265-1320ه، 1848-1902م)
1
من بيت في «حلب» يعتز بنسبه وحسبه وعلمه وجاهه وماله، فأسرة الكواكبي كانت فيها نقابة الأشراف في حلب، ولها مدرسة تسمى المدرسة الكواكبية، وأبوه أحد المدرسين في الجامع الأموي بحلب والمدرسة الكواكبية فيها.
تعاون على تربية بيته وما في تقاليده من عزة وإباء وشمم وأنفة من الصغائر وخالة له تعهدته بعد وفاة والدته وهو صغير. وكانت من نوادر النساء في الشرق، عرفت بالأدب والكياسة وكبر العقل. فطرته التي فطر عليها ميل إلى الحق، وحب الخير والاستجابة للتربية الصالحة.
كل هذا جعل منه رجلا يستعصي على ناقد الأخلاق نقده، مؤدب اللسان فلا تؤخذ عليه هفوة، يزن الكلمة قبل أن ينطق بها وزنا دقيقا، حتى لو ألقى عليه السلام لفكر في الإجابة، متزن في حديثه، إذا قاطعه أحد سكت وانتظر حتى يتم حديثه، ثم يصل ما انقطع من كلامه، فيؤدب بذلك محدثه، نزيه النفس لا يخدعها مطمع ولا يغريها منصب، شجاع فيما يقول ويفعل، مهما جرت عليه شجاعته من سجن وضياع مال وتشريد، وهو - مع أنفته وعزته وصلفه
1
على الكبراء - متواضع للبائسين والفقراء، يقف دائما بجانب الضعفاء، يشع على من يجالسه الاتزان والتفكير الهادي، وحب الحق ونصرة المبدأ، والتضحية للفضيلة.
تعلم كما كان يتعلم ناشئة زمانه الدينيون، لغة عربية ودين في مدرسة أسرته بحلب - «المدرسة الكواكبية» - وكانت مدرسة تسير على الطريقة الأزهرية فيما يقرأ من كتب، وما يتبع من منهج، ولكنه أكمل نفسه بقراءته بعض العلوم الرياضية والطبيعية، وأحضر له والده من الفارسية والتركية، وطالع بنفسه كثيرا من الكتب التاريخية، وعنى بدراسة قوانين الدولة العثمانية.
Shafi da ba'a sani ba