يبق لهم رأس مال يتوسلون به إلى درك الحق ونيل الكمال ، فبقوا خاسرين آيسين عن الربح فاقدين للأصل.
( مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون (17) صم بكم عمي فهم لا يرجعون (18))
ولما جاء بحقيقة حالهم عقبها بضرب المثل الذي يصور المعقول في صورة المحسوس ، زيادة في التوضيح والتقرير ، فإنه أوقع في القلب وأقمع للخصم الألد ، لأنه يريك المتخيل محققا والمعقول محسوسا ، ولهذا أكثر الله في كتبه ذكر الأمثال ، وفشت في كلام الأنبياء. والحكماء ، قال الله تعالى : ( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ) (1)، ومن سور الإنجيل سورة الأمثال ، فقال سبحانه : ( مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ).
والمثل في الأصل بمعنى النظير والشبيه ؛ يقال : مثل ومثل ومثيل ، كشبه وشبه وشبيه ، ثم شاع في القول السائر الممثل مضربه بمورده : مثل. وهذا سمي عند علماء البيان بالاستعارة التمثيلية ، ولا يضرب إلا ما فيه غرابة ، ولذا حوفظ عليه وحمي من التغيير ، ثم استعير لكل حال أو قصة لها شأن وفيها غرابة ، مثل قوله تعالى : ( مثل الجنة التي وعد المتقون ) (2) وقوله : ( ولله المثل الأعلى ) (3).
والاستيقاد طلب الوقود والسعي في تحصيله ، وهو سطوع النار وارتفاع
Shafi 69