على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم ) (1) والإضلال في قوله : ( يضل من يشاء ) (2) والإقساء في قوله : ( وجعلنا قلوبهم قاسية ) (3) والإغفال في قوله : ( ولا تطع من أغفلنا قلبه ) (4)، إلى الله تعالى على الحقيقة ، لمنافاته التكليف الذي مناطه الاختيار ، ولعدم فائدة الأمر والنهي ، ولاستلزامه القبح على الله ، والله يتعالى عن فعل القبيح علوا كبيرا. وأيضا كيف يتخيل خلق القبيح وقد وردت الآية ناعية على الكفار شناعة صفتهم وسماجة حالهم ، ونيط بذلك الوعيد بعذاب عظيم؟ وبواقي الأدلة والبراهين على هذا المطلوب أحلناها إلى علم الكلام خوفا من الإطناب.
وقال في الكشاف : «لا ختم ولا تغشية ثم على الحقيقة ، وإنما هو من باب المجاز. ويحتمل أن يكون من كلا نوعيه ، وهما : الاستعارة والتمثيل. أما الاستعارة فأن تجعل «قلوبهم» ، لأن الحق لا ينفذ فيها ولا يخلص إلى ضمائرها من قبل إعراضهم عنه واستكبارهم عن قبوله واعتقاده ، و «أسماعهم» ، لأنها تمجه وتنبو عن الإصغاء إليه وتعاف استماعه ، كأنها مستوثق منها بالختم ، و «أبصارهم» ، لأنها لا تجتلي آيات الله المعروضة ودلائله المنصوبة كما تجتليها أعين المعتبرين المستبصرين ، كأنما غطي عليها وحجبت بينها وبين الإدراك. وأما التمثيل فأن تمثل حيث لم يستنفعوا بها في الأغراض الدينية التي كلفوها وخلقوا من أجلها بأشياء ضرب حجاب بينها وبين الاستنفاع بها بالختم والتغطية» (5).
وقوله : ( وعلى سمعهم ) معطوف على «قلوبهم» ، لقوله تعالى : ( وختم على
Shafi 55