محل لها ، أو حال مؤكدة ، أو بدل عنه ، أو خبر ل «إن» والجملة قبلها اعتراض.
وفائدة الإنذار في حقهم بعد علم الله تعالى بأنه لا ينجع : إلزام الحجة ، وحيازة الرسول صلى الله عليه وآلهوسلم فضل الإبلاغ ، ولذلك قال : ( سواء عليهم ) ولم يقل : عليك. وفي الآية إخبار بالغيب إن أريد بالموصول أشخاص بأعيانهم ، كأبي جهل وأضرابه ، فهي من المعجزات.
واحتجت الأشاعرة بهذه الآية على جواز التكليف بالممتنع ، لأن الله سبحانه أخبر عن الكفار بأنهم لا يؤمنون وأمرهم بالإيمان ، وهو ممتنع ، لأنه معلوم العدم ، لعلم الله أن الكفار يستمرون على كفرهم فلو آمنوا لزم انقلاب علم الله جهلا وخبره كذبا ، وشمل إيمانهم الإيمان بأنهم لا يؤمنون ، فيجتمع الضدان.
وأجيب : أن فرض العلم بعدم الإيمان هو بعينه فرض المعلوم الذي هو عدم الإيمان ، لأن شرط العلم مطابقته للمعلوم ، وحينئذ يكون امتناع الإيمان المفروض العدم امتناعا لا حقا بسبب الفرض ، وهو لا يؤثر في إمكان الإيمان الثابت للكفار لذاته ، بمعنى أنه غير راجع له ، لأن ما بالذات لا يتصور ارتفاعه عنها بسبب عارض من فرض وغيره ، والتكليف بالفعل إنما هو مشروط بإمكانه الذاتي وهو متحقق.
والحاصل : أن العلم تابع للمعلوم ، وأن التابع لا يكون علة للمتبوع ، ولو صح هذا الدليل لزم نفي قدرته تعالى ، لأنه عالم بجميع المعلومات ، فإذا كان ما علم وجوده واجبا وما علم عدمه ممتنعا وكلاهما غير مقدور لله لم يبق مقدور أصلا ، وذلك باطل اتفاقا. ويمتنع تكليف الضدين في الإخبار عن المكلفين بالإيمان بأنهم لا يؤمنون ، لجواز ورود الإخبار حال غفلتهم.
ولما أعرضوا عن الحق عنادا ولجاجا وعتوا واستكبارا ، وتمكن ذلك الإعراض في قلوبهم حتى صار كالطبيعة لهم ، شبههم الله تعالى بالوصف الخلقي المجبول عليه ، فقال : ( ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم
Shafi 53