468

( ويحذركم الله نفسه ) كرره للتوكيد والتذكير ( والله رؤف بالعباد ) هذا إشارة إلى أنه تعالى إنما نهاهم وحذرهم رأفة بهم ومراعاة لصلاحهم. أو المعطوف والمعطوف عليه مشعران بأنه ذو عقاب ليخشى عذابه ، وذو مغفرة لترجى رحمته.

( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم (31) قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين (32))

قيل : إن وفد نجران لما قالوا : إنما نعبد المسيح حبا لله ، فرد الله سبحانه عليهم ، وجعل مصداق ذلك اتباع رسوله صلى الله عليه وآلهوسلم ، فقال : ( قل ) يا محمد لهؤلاء ( إن كنتم تحبون الله ) أي : إن كنتم صادقين في دعوى محبة الله ( فاتبعوني ) فيما أمرتكم ونهيتكم.

والمحبة عبارة عن ميل النفس إلى الشيء لكمال أدركته فيه ، بحيث يحملها على ما يقربها إلى ذلك الشيء. والعبد إذا علم أن الكمال الحقيقي ليس إلا لله ، وأن كل ما يراه كمالا من نفسه أو غيره فهو من الله وبالله وإلى الله ، لم يكن حبه إلا لله وفي الله ، وذلك يقتضي إرادة طاعته ، والرغبة فيما يقربه إليه. فلذلك فسرت المحبة بإرادة الطاعة ، وجعلت مستلزمة لاتباع الرسول في عبادته ، والحرص على مطاوعته.

وقوله : ( يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ) جواب الأمر ، أي : يرض عنكم ، ويكشف الحجب المانعة الوصول إليه عن قلوبكم ، بالتجاوز عما فرط منكم ، فيقربكم من جناب عزه ، ويبوئكم في جوار قدسه. عبر عن ذلك بالمحبة على

Shafi 473