419

أول ، أخر للاهتمام بالمفعول الثاني. والحكيم عند الله : هو العالم العامل. وقيل : الحكمة القرآن والفقه ( ومن يؤت الحكمة ) بناؤه للمفعول ، لأنه المقصود. وقرأ يعقوب بالكسر ، أي : ومن يؤته الله الحكمة ( فقد أوتي خيرا كثيرا ) التنكير للتعظيم ، أي : أي خير كثير ، إذ حيزت له خير الدارين.

( وما يذكر ) وما يتعظ بما قص من الآيات ، أو وما يتفكر ، فإن المتفكر كالمتذكر لما أودع الله تعالى في قلبه من العلوم بالقوة ( إلا أولوا الألباب ) ذوو العقول الخالصة عن شوائب الوهم والركون إلى متابعة الهوى.

وبعد ذكر المعترضة الحاثة على الإنفاق المستحسن في نظر العقل والشرع ، عاد إلى ذكر حال الإنفاق وحسن خاتمته ، فقال : ( وما أنفقتم من نفقة ) قليلة أو كثيرة ، سرا أو علانية ، في سبيل الله أو في سبيل الشيطان ( أو نذرتم من نذر ) بشرط أو بغير شرط ، في طاعة أو معصية ( فإن الله يعلمه ) لا يخفى عليه ، فيجازيكم عليه بحسبه ( وما للظالمين ) الذين ينفقون في المعاصي وينذرون فيها ، أو يمنعون الصدقات ولا يوفون بالنذر ( من أنصار ) من ينصرهم من الله ، ويمنع عنهم العقاب.

ثم وصف كيفية الإنفاق فقال : ( إن تبدوا الصدقات فنعما هي ) فنعم شيئا إبداؤها. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي بفتح النون وكسر العين على الأصل ، وقالون وأبو عمرو وأبو بكر بكسر النون وإسكان العين أو إخفائها ( وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء ) أي : تعطوها إياهم مع الإخفاء ( فهو خير لكم ) فالإخفاء خير لكم. وهذا في التطوع ولمن لم يعرف بالمال ، فإن الأفضل في الفرائض لمعروف المال الإظهار دفعا للتهمة. وعن ابن عباس : «صدقة السر في التطوع تفضل علانيتها سبعين ضعفا ، وصدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها بخمسة وعشرين ضعفا».

Shafi 424