هو الرجل ، أي : الكامل في الرجولية.
الثاني : أن يكون الكتاب صفة ، فيكون المعنى : هو ذلك الكتاب الموعود.
والثالث : أن يكون التقدير : هذه الم ، فتكون جملة ، و ( ذلك الكتاب ) جملة اخرى.
وإن جعلت ( الم ) بمنزلة الصوت كان ذلك مبتدأ ، والكتاب خبره ، أي : ذلك الكتاب المنزل هو الكتاب الكامل ، أو الكتاب صفته والخبر ما بعده ، أعني : قوله : ( لا ريب فيه ) أي : ذلك الكتاب لا شك في حقيقته.
والريب مصدر : رابه يريبه ، إذا حصل فيه الريبة. وحقيقة الريبة قلق النفس واضطرابها ، سمي به الشك لأنه يقلق النفس ويزيل الطمأنينة. وفي الحديث : «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، فإن الشك ريبة ، والصدق طمأنينة» (1).
و «لا ريب» مبني لتضمنه معنى «من» ، منصوب المحل على أنه اسم «لا» النافية للجنس العاملة عمل «إن» ، لأنها نقيضها ، ولازمة للأسماء لزومها. و «فيه» خبره على الظاهر ، ولم يقدم كما قدم في قوله تعالى : ( لا فيها غول ) (2)، لأنه لم يقصد تخصيص نفي الريب به من بين الكتب كما قصد ثمة ، بل المراد نفي الريب عنه ، وإثبات أنه حق وصدق لا باطل وكذب ، كما كان المشركون يدعونه ، فلو أولي الظرف حرف النفي لقصد إلى ما يبعد عن المراد ، وهو أن كتابا آخر فيه الريب لا فيه. وحقيقة المعنى أنه من وضوح دلالته بحيث لا ينبغي أن يرتاب فيه ، إذ لا مجال للريبة فيه بعد النظر الصحيح في كونه وحيا بالغا حد الإعجاز ، لا أن أحدا لا يرتاب فيه ، ألا ترى إلى قوله تعالى : ( وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا ... ) (3) الآية؟
Shafi 41