والإلحاح في الاستطعام على الناس ، فإن خير الزاد الاجتناب عن هذا العمل ( واتقون ) فيما أمرتكم ( يا أولي الألباب ) فإن قضية اللب خشية الله وتقواه ، ومن لم يتقه فكأنه لا لب له. حثهم على التقوى ، ثم أمرهم بأن يكون المقصود بها هو الله تعالى ، فيتبرءوا عن كل ما سواه ، وهو مقتضى العقل المعرى عن شوائب الهوى ، فلذلك خص أولي الألباب بهذا الخطاب.
( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين (198) ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم (199))
قيل : كانوا يتأثمون بالتجارة في الحج ، فرفع الله سبحانه التحرج عمن يتجر في الحج بقوله : ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا ) في أن تطلبوا ( فضلا ) رزقا وعطاء ( من ربكم ) وهو النفع والربح في التجارة. وقيل : كان عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقهم في الجاهلية ، يقيمونها مواسم الحج ، وكانت معايشهم منها ، فلما جاء الإسلام تأثموا منه ، فكفوا عن البيع والشراء ، فلم تقم لهم سوق ، فنزلت هذه الآية. وقيل : كان في الحج أجراء ومكارون ، وكان الناس يقولون : هؤلاء الداج (1) وليسوا بالحاج ، فبين سبحانه أنه لا إثم على الحاج في أن يكون أجيرا لغيره أو مكاريا.
( فإذا أفضتم من عرفات ) الإفاضة الدفع بكثرة ، من إفاضة الماء وهي صبه
Shafi 325