يطيعونهم ، بدلالة قوله تعالى بعد ذلك : ( إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ) (1). وقال الباقر عليه السلام : «هم أئمة الظلمة وأشياعهم». ولعل المراد أعم منهما ، وهو ما يشغل عن طاعة الله عز وجل .
( يحبونهم ) يعظمونهم ويخضعون لهم تعظيم المحبوب ( كحب الله ) حبا كحب الله ، أي : كتعظيمه ، والإضافة إلى الفاعل ، أي : كما يحب الله. وإنما استغني عن ذكر من يحبه ، لأنه غير ملبس. وقيل : كحبهم الله. وعن ابن عباس : كحبكم الله ، أي : كحب المؤمن الله ، أي : يسوون بينه وبينهم في محبتهم ، لأنهم كانوا يقرون بالله ويتقربون إليه. والمحبة ميل القلب ، من الحب ، استعير لحبة القلب ، ثم اشتق منه الحب ، لأنه أصابها ورسخ فيها. ومحبة العبد لله إرادة طاعته ، والاعتناء بتحصيل مراضيه. ومحبة الله للعبد إرادة إكرامه ، وتوفيقه في الطاعة ، وصونه عن المعاصي.
( والذين آمنوا أشد حبا لله ) لا تنقطع محبتهم لله ، بخلاف محبة الأنداد ، فإنها لأغراض فاسدة موهومة تزول بأدنى سبب ، ولذلك كانوا يعدلون عن آلهتهم إلى الله عند الشدائد ، ويعبدون صنما زمانا ويعدلون منه إلى غيره ، أو يأكلونه ، كما أكلت باهلة إلهها من حيس عام المجاعة ، والحيس هو تمر وأقط (2) وسمن.
ولما ذكر الذين اتخذوا الأنداد بين حالهم في المعاد بقوله : ( ولو يرى الذين ظلموا ) أي : ولو يعلم هؤلاء الذين أشركوا ، باتخاذ الأنداد ( إذ يرون العذاب ) أي : إذا عاينوا العذاب يوم القيامة ، فأجرى المستقبل مجرى الماضي لتحققه ، كقوله : ( ونادى أصحاب الجنة ) (3).
وقوله : ( أن القوة لله جميعا ) ساد مسد مفعولي «يرى». وجواب «لو»
Shafi 279