ذلك ، ودعا الكهنة والسحرة والقافة ، فسألهم عن رؤياه ، فقالوا : إنه يولد في بني إسرائيل غلام يكون على يده هلاكك وزوال ملكك وتبديل دينك ، فأمر فرعون بقتل كل غلام يولد في بني إسرائيل ، وجمع القوابل من أهل مملكته ، فقال لهن : لا يسقط على أيديكن غلام من بني إسرائيل إلا قتل ، ولا جارية إلا تركت! ووكل طائفة عليهن ، فكن يفعلن ذلك. وأسرع الموت في مشيخة بني إسرائيل ، فدخل رؤساء القبط على فرعون فقالوا : إن الموت قد وقع في بني إسرائيل ، فتذبح صغارهم ويموت كبارهم ، فيوشك أن يقع علينا الأعمال الشاقة التي هم يصنعون لنا من البناء والحراثة وغيرهما. فأمر فرعون أن يذبحوا سنة ويتركوا سنة ، فولد هارون في السنة التي لا يذبحون فيها فترك ، وولد موسى في السنة التي يذبحون فيها ، على وجه يذكر في سورة القصص.
( وفي ذلكم بلاء ) محنة إن أشير ب «ذلكم» إلى صنيعهم ، ونعمة إن أشير به إلى الإنجاء. وأصله الاختبار ، لكن لما كان اختيار الله عباده تارة بالمحنة وتارة بالمنحة اطلق عليهما. ويجوز أن يكون إشارة إلى المجموع ، ويراد به الامتحان الشائع بينهما ( من ربكم ) بتسليطهم عليكم ، أو ببعث موسى وتوفيقه لتخليصكم ، أو بهما ( عظيم ) صفة بلاء.
وفي الآية تنبيه على أن ما يصيب العبد من خير أو شر اختبار من الله تعالى ، فعليه أن يشكر على المسارة ويصبر على المساءة ليكون من خير المختبرين.
ثم ذكر سبحانه نعمة اخرى عليهم فقال : ( وإذ فرقنا بكم البحر ) فلقناه وفصلنا بين بعضه وبعض حتى حصلت فيه مسالك بسلوككم فيه ، يعني : يتفرق الماء عند سلوككم ، فكأنما فرق بكم كما يفرق بين الشيئين بما يوسط بينهما ، أو بسبب إنجائكم. ويجوز أن يكون في موضع الحال ، بمعنى : فرقناه ملتبسا بكم. وروي أنه كان طرفا البحر أربعة فراسخ. ( فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون ) أراد
Shafi 146