Zubdat Kashf
Zubdat Kashf al-Mamalik fi
Nau'ikan
وروى أن سليمان بن داود وضع ببيت المقدس سلسلة من خلف ومسكها وكان حانا ارتفعت به ، ومن كان صادقا ارتخت عليه ، ثم أن رجلا استودع أخر مالة دينار ، فلما طلبها منه جحده ذلك ، فتوجها إلى السلسلة وجعل المائة دينار بعكاز وسلمه إليه ، وكانت الدنانير مسبوكة فى وسط العكاز ، فلم ترتفع السلسلة ، لما مسها، فتعجب هو والناس من ذلك ، فارتفعت من ذلك اليوم ، وهى إلى الأن مرفوعة : وقال بعضهم في ذلك ، مضى مع الوحى زمان العلى وارتفع الجود مع السلسلة وروى أن ذا النون المصرى قال : وجدت على صخرة بيت المقدس أسطورا مكتوبة لا تفهم قرأتها، فجئت لمن ترجمها ، فإذا عليها مكتوب، كل عاص مستوحش ، وكل مطيع مستانس ، وكل خائف هارب ، وكل راج طالب وكل قانع غنن ، وكل محب ذليل وروى عن عطيه بن قيس أن رسول الله ، قال : ليدخلن الجنة رجل من أمك يمشى على رجليه وهو حى ، فلما كان فى خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، جاء من بنى تميم يقال له : شرك بن حباسة يسفى أصحابه ، وكان في بيت المقدس ، فوقع دلوه في الجب فنزل ليأخذه ، فوجد بابا في الجب يفتح إلى الجنة ، فدخل منه ، ومشى فيها، وأخذ ورقة من شجرها فجعلها خلف أدنه ، ثم خرج إلى الجب فارتقى ، وأنى صاحب بيت المقدس وأخبره بالذى رأى فلم يصدقه ، وأرسل معه من ينزل إلى الجب وينظر ذلك ، فأتوه ونزلوا فيه فلم يجدوا شيئا فكتب للإمام عمر رضى الله عنه يعلمه بالقضية ، فعاد عليه الجواب يصدق في حديثه لما تقدم من الحديث الشريف والكلام فى ذلك كثير ، وروى أن الورقة جهزت إلى الإمام عمر ولم تبل ، واستمرت عنده مدة حياته إلى أن توفى فأوصى أن توضع على صدره ففعل ذلك .
وروى عن رسول الله أنه قال : {من زار بيت المقدس محتسبا أعطاه الله تواب ألف شهيدا ، وفى رواية احزم الله لحمه وجسده على النار وروى عن النبي أنه قال : فضل الصلاة في مسجد بيت المقدس بخمسمائة صلاة . وروى عن كعب أنه قال: لا تقوم الساعة حتى يزور البيت الحرام البيت المقدس ، فينفادان إلى الجنة جميعا وفيهما أهلهما والعرض والحساب ببيت المقدس . وروى عن عبد الله بن مسعود أنه قال : لا يدخل الدجال إلى بيت المقدس روى عن خالد أبى معدان أنه قال : زمزم وعين سلوان من عيون الجنة . وروى عن ابن عياس أنه قال : سيد البقاع بيت المقدس ، وصخرته من الجنة .
وروى عن ابن عمر الشيباني أنه قال: لا تقوم الساعة حتى يضرب على بيت المقدس سبعة أحياط ، حائط من ذهب ، وحائط من فضة ، وحائط من ياقوت ، وحائط من زمرد وحائط من لؤلؤ، وحائط من نور وحائط من غمامة .
وروى عن مقاتل بن سليمان أن كل ليلة ينزل سبعون ألف ملك من السماء إلى مسجد بيت المقدس ، لا يعدون إليه إلا أن تقوم الساعة ، وهكذا فى كل ليلة . وعن الإمام أبى بكر بن العرب أنه قال : فى شرح الموطا للإمام مالك في تفسير قوله تعالى .
وأنزلنا من السماء ماءه فذكر أقوال الأربعة ، وإن مياه الأرض كلها تخرج من تحت صخرة البيت المقدس ، ولم يختلف أحد من أهل السنة أن النبي ، عرج إلى السماء من بيت المقدس ، وذكر فى ورود بيت المقدس ما ورد إليه من الأنبياء وعدتهم أربعة وعشرون ألف نبن . وروى أن دار ملك سليمان بن داود عليهما السلام كانت ببيت المقدس وزوى أن جماعة من العلماء أثبتوا أن الخضر عليه السلام نين ، وأنه حى ومسكنه ببيت المقدس من بين باب الرحمة وباب الأسباط . وأما ما ورد من الصحابة والتابعين وتابعيهم والخلفاء والصالحين والعلماء فخلق كثير لا تحصى ، وقد اختصرت ذكر كل أحد على انفراده خوف الإطالة . وبالقدس الشريف مصطبة على سطح الصخرة برى منها قلعة الكرك، وهى مسيرة أربعة أيام ويصلى بمسجد بيت المقدس في أذن أربع صلوات على المذاهب الأربعة أول ما يبدا بمذهب الإمام مالك بجامع المغاربة ، ثم بالمسجد الأقصى على مذهب الإمام محمد بن إدريس الشافعى ، ثم بقبة الصخرة على مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة ثم بقبة موسى والرواق الغربى على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ، ولهذا الحرم أوقاف كثر وخذام ومباشرون اختصرت ذكرهم خشية الإطالة . وبالقدس الشريف أسواق كثيرة من جملتها ثلاث قصبات على صف واحد، قيل : أنه لم يكن بغالب البلاد نظيرها ، وبها مدارس كثيرة وخانات وحمامات وعمائر حسنة ، ولم يؤخذ بها شىء من المكوس بخلاف جميع المدن ، وبها كنيسة قمامة الترى يزورها جميع طوائف النصارى والفرنج، والقدس مدينة شريفة عظيمة يعمل فيها فضة ميناء تجلب منها إلى سائر البلاد ، وأوصافها كثيرة وفضائلها جمة وهذا على وجه الاختصار . وبضواحيها عين سلوان والطور ورابعة العدوية ، وقبر السيدة مريم وقبور الشهداء ، وخان الظاهر والزاوية القلندرية ، ويأواخر كرومها قصر السيدة راحيل أم يوسف الصديق عليه السلام ، وأقام والدى المرحوم شاهين الظاهرى فبه وصهريجا ومسقاة للسبيل
وييمين الطريق بيت لحم بلدة بها كنيسة كبيرة جدا بها مولد عيسى عليه السلام ، وبها أشياء عجيبة يطول شرحها ، وبها جدع النخلة المذكورة في القرآن العظيم فى قوله تعالى . وهزى إليك بجدع النخلة وبالقدس الشريف ومعاملاته ديورة كثيرة ، وقرية حلحول بها قبر يونس عليه السلام ، ورام بها مقام إبراهيم عليه السلام ، وكفر بريك به قبر لوط عليه السلام ، وياقين بها مقامه .
وأما مدينة حبرون المدفون بها إبراهيم الخليل عليه السلام ويعرف بمدينته ، وهى مدينة حسنة عدية ، وبها المسجد الذى به مقام الخليل ، وسرداب هو مدفون به يوقد فيه قنديل ليلا ونهارا وعن يمين الشباك قبره الشريف وعليه ستر من حرير وتجاه ذلك زوجته سارة ، وهناك مقصورتان بأحدهما يعفوب وزوجته ، ويظاهره مكان يشباكين بأحدهما إسحاق والأخر زوجته ، ويأخر المكان من الجهة الغربية قبر يوسف عليه السلام ، وبه مغارتان وهو مكان حسن إلى الغاية ، وله أوقاف كثيرة وخذام ، ويمد به سماط الخليل ، عليه السلام ، في كل يوم ، حتى إنه لو ورد ذلك المكان أهل الدنيا لفاضت البركة على السماط إلى أن يكفيهم وبهذه الأماكن الشريفة من الفضائل ما تكل عن ضبطه الأقلام ، وتعجز عن الإحاطة به العفول والأفهام ، وبفضلها وشرفها حصل لسلطانها الشرف التام ، ويفضل ملكه على سائر ملوك الإسلام ، مع ما يضاف إلى ذلك من فضائل مصر والشام ، وما بهما من الزيارات من قبور الأنبياء والصحابة والأولياء والعلماء الأعلام ، فكل ملوك الأرض ما بلغوا عشر معشار فضله ، لأن الجميع يخافون وقوع سطواته ويأملون فائض عدله . خلد الله ملكه تخليدا مؤبدا ، ولا أبقى له على وجه الأرض أعداء ولا حسدا .
فصل فى ذكر الديار المصرية عقرها الله تعالى وبها دار الملك ولها حدود أربع وأما القبلى فمن صفة القلزم حيث عيذاب على بلاد الحذارب من بلاد النوبة خلف الجنادل التى عليها مصب النيل ، إلى جبال العدن إلى صحراء الحبشة وأما الشرقى فينتهى إلى بحر القلزم ، وغالب ما بينه وبين مجرى النيل منقطع رمال ومحاجر ، ويسمى ساحل البحر فى هذا الحذ ، ثم يتسع من حيث السويس ، وما أخذ مشزقا من بركة الغرندل إلى تيه بنى إسرائيل حتى يقع على أطراف الشام . وأما حذ الشامي وتسميه أهل مصر البحرى من الزعقة ورفح وأمج ، وهى العريش من على الساحل وأما الخذ الغربى مأخذه فى العمارة معمور الإسكندرية ، أخذ على الليونة على العميدين إلى العقبة ، وهو أخر خذ مصر ، ثم يعطف الحذ على الواحات مقتبلا على الصعيد ، حتى يقع على الحد القبلي وبلاد مصر من أعجب بقاع الأرض والنيل سائح بوسطه وهو من الأنهر العظيمة ، ومنحدرة من الجنادل المذكورة ، أجمع أهل العلم أنه ليس بالدنيا نهر أطول مدا من النيل فإنه يسير مسيرة شهرين البلدان العامرة ، وعشرة أبام فيما يتعلق بالإقليم فيها عامر وخراب ، ومسيرة شهرين في بلاد النوبة ، وأربعة أشهر فى الخراب حيث لا عمارة إلى أن يخرج من مكانه ، وإن صبابه فى البحر المحيط من ثغر رشيد وثغر دمياط .
فصل ذكر قلعة الجبل وه دار الملك الشريف وأما دار الملك الشريف التى بها تخت المملكة المعروفة الأن بقلعة الجبل ليس لها نظير فى الاتساع والزخرفة والأبهة والعلو، تشتمل على سور وخندق وأبراج وعدة أبواب من حديد ، وهى حصينة جدا ، وبها من القصور والأواوين والمجالس والغرف والطباق والأحواش والميادين والإصطبلات والجوامع والمدارس والأسواق والحمامات ما يطول شرح ذكره ، لكن نأنى بملخصه مما فيه من العظمة والأبهة والناموس الشريف . أما القصر الأبلق به ثلاث قصور شريفة ، وخرجاه برسم المواكب السلطانية ، الجميع مفروش بالرخام الملون والسقوف المدهونة بالذهب واللازورد ، والنقوش العجمية ، إنشاء المقام الشريف المرحوم الملك الناصر محمد بن قلاوون تغمده الله برحمته ، وأما الإوان المعظم فليس له نظير ، وهو مكان بمفرده بظاهر القصر ، يعلوه فبه خضراء عالية جدا حسينة المنظرة ، وبه مرتبة الملك وعمد كثيرة ، وهو
مكان عجيب إنشاء المقام الشريف المشار إليه ، وأما الجامع الكبير الذى بالقلعة ليس له نظير . قيل : أنه يصلى فيه خمسة ألاف نفر، وبه عمد عجيبة فى الغلط وبه منارتان وهو أيضا إنشاء المقام الشريف المشار إليه ، وأما الدهشة فهى من العجائب، وعمارتها حسنة من خواص مجالس السلاطين ، وهى أيضا إنشاء المقام الشريف المشار إليه ، وأما القياع المخصوصة بالأدر الشريفة فعديدة منها، البيسرية وهى مكان خدمة الأدر بها ، ومنها القاعة الكبرى وتعرف بالعواميد برسم خوند الكبرى ، ومنها قاعة رمضان بها خوند الثانية ، ومنها قاعة المظقرية بها خوند الثالثة ، ومنها القاعة المعلقة وبها خوند الرابعة ، ومنها قاعة البربرية برسم السرارى ، وغير ذلك من القياع والمعازل والأماكن المتسعة مما يطول شرحها، وهناك سيدى الردينى مكان مبارك يزار ، وأما طباق المماليك الشريفة السلطانية اثنا عشر طبقة كل طبقة منها قدر حارة تشتمل على عدة مساكن ، حتى أنه يمكن السكنى في كل طبقة لألف مملوك . وأما الحوش (1) الشريف فإنه متسع جدا ، وبه بستان عظيم ، وبه بحرة معظمة والجلوس في الحوش والبستان يأتى ذكره في محله . وأما الإصطبلات الشريفة فإنها متسعة جدا برسم الخيول السلطانية يأتى ذكرها في مخلها ، وأما الميدان الشريف المعروف بالأسود فمتسع جدا برسم المسايرة .
Shafi da ba'a sani ba