وقد لبستنا من قذا الجور ذلة ... ودار بنا كيد الأعادي فأحدقا
وحكم فينا عاند فجرت له ... أفاعيل غر تترك اللب أخلقا
إلى أن أتيحت بابن طولون رحمة ... أشار إلى معصوصب فتفرقا
فدتك بنو العباس من ناصر لها ... أنار به قصد السبيل فأشرقا
بنيت لهم مجدًا تليدًا بناؤه ... فلم نر بنيانًا أعز وأوثقا
منحتهم صفو الوداد ولم يكن ... سواك ليعطي الود صفوًا مزوقا
تجوز منك العبد لما قصدته ... وأسكن أشراف الأقاوم مطبقا
بلا ترة أسدوا إليه وإنما ... يجازي الفتى يومًا على ما تحققا
وهيهات ما ينجيه لو أن دونه ... ثمانين سورًا في ثمانين خندقا
ثم إن أحمد بن طولون توجه إلى مصر، وولى مملوكه لؤلؤ حلب في سنة ست وستين، فخرج بكار الصالحي من ولد عبد الملك بن صالح، بنواحي حلب بينها وبين سلمية، ودعا إلى أبي أحمد الموفق في سنة ثمان وستين، فحاربه ابن العباس الكلابي فهزم الكلابي ووجه إليه لؤلؤ قائدًا يقال له أبو ذر، فرجع وليس معه كبير أحد. ثم إن لؤلؤ ظفر به فقبض عليه.
ثم إن لؤلؤ الطولوني خالف مولاه أحمد بحلب، وعصى عليه في سنة تسع وستين، وكاتب أبا أحمد الموفق في المسير إليه فأجابه إلى ذلك. وقطع لؤلؤ الدعاء لمولاه أحمد مدنه جميعها: حلب، وقنسرين، وحمص، وديار مضر، وترك أهل الثغور الدعاء لابن طولون، وأخرجوا نائبه منها وهموا بقبضه، فهرب. فنزل أحمد بن طولون من مصر في مائة آلف فقبض على حرم لؤلؤ وباع ولده وأخذ ما قدر عليه مما كان له، وهرب لؤلؤ منه ولحق بأبي أحمد طلحة بن المتوكل وهو على محاربة العلوي البصري عميد الزنج.
1 / 48