257

Zubdat abin tunani a tarihin hijira

زبدة الفكرة في تاريخ الهجرة

Nau'ikan

Tarihi

مراسم السلطان بتجهيز الزردخانات والآلات تاقت نفسي إلى الجهاد وحثت اليه حنو الارض الظامية الى صوب العهاد فطالعت السلطان بذلك وسألته أن اصير الى هنالك لأساهم في ثواب الغزو واشارك فاذن لي في الحضور وسمح بالدستور فكنت كمن فاز أمله بنجاحه وانجلى ليله بصباحه فجهزت من الزردخانات المانعة والآلات النافعة والرجال المجتهدين والرماة والحجارين والغزاة والنجارين وتوجهت ملاقيا للسلطان فوافيته وقد وصل الى غزة فلقيت منه اكرانا وبشرا وابتساما وسرت في ركابه الى عكا فلما نزلنا عليها حاق المحاق بأهليها و كانوا لما بلغهم حركة السلطان لغزوهم ومسيره الي نحوهم قد ارسلوا الى ملوكهم الكبار واستدعوا النجد من داخل البحار واجتمع بها جمع كبير من الديوية والاسبتار وحضنوا الأبراج والاسوار واظهروا المصابرة وعدم المبالاة بالمحاصرة ولم يغلقوا للمدينة بابا ولا اسدلوا دونها حجابا فنصبت عليها المجانيق الاسلامية واحدقت بها العساكر المحمدية وارسلت عليها حجارة كالصواعق الصاعقة وسهاما كالبوارق البارقة وويفت اشد المضايقة وهم مع ذلك يظهرون الجلد ولا يغلقون ابواب البلد ويهاجمون العسكر ليلا ونهارا ويقاتلون فتالا مدرارا واستشهد عليها الأمير علاء الدين كشتغدى الشمس والأمير بدر الدين بيليك المسعودي وشرف الدين قيران السكزي وشدد القتال واسعرت نار النزال وتوالت سحب النوال بالنبال وانا في ضمن ذلك اتأمل مكانا تلوح الفرصة منه فاقصده واتصفح جانتا تمكن منه و الحيلة فلا أجده وبينما أنا أميل فكرتي وأديرة بصري وبصيرتي اذ لمحت برجا من ابراجها قد اثرت فيه المجانيق وامكن أن يتخذ منه طريق وبينه وبين السور فسحة مكشوفة ظاهرة لا يمكن السلوك فيها لان الجروخ مسلطة عليها الا باتخاد ستارة تطولها وتشملها وتقي من يدخلها فعمدت الى اللبود فجمعتها جمئا ولفقت بعضها مع بعض الفقه فتصور منها سحابة كبيرة طولا وعرضا ونصبت تجاه البدنة المهدومة من البرج صارمين من كلا الجانبين وجعلت على رؤوسهما بكرا كبكرات المراكب وحبالا يتمكن بها الجاذب رثم جذبت تلك السحابة المتخذة من اللباد فقامت كانها سد من الأسداد وايقنت ذلك في جنح الليل وهم غافلون عنه فلما اصبحوا وراوا ذلك الحجاب قصدوه بالمجانيق والنشاب فصارت الحجارة واذا وقعت فيها يرتخي اللبد تحتها فيبطل زخمها والجروخ اذا رمتها لا ينفذ سهمها فتمكنا من المرور ووجدنا سبيلا إلى العبور وشرب بيننا وبين الأعداء بسور وشرعنا في ردم الخندق الذي بين السورين بمخالي الخيل مملوءة بالتراب معما تيسر من الأخشاب فصار طريقا سالكا وكان رايا مباركا وسمع به السلطان فاعجبه وركب بنفسه وحضر بالكوسات والطبلخانات وضربت عند الصباح ولاحت تباشير الفلاح وحصل الزحف عليهم من ذلك المكان وغيره وطلعت العساكر بالسناجق السلطانية واثخنوا في مقاتلة الفرنجية وتمكنوا من المدينة وبذلوا فيها المناصل وأعملوا العوامل وسبوا الولدان والحلائل وحقق الله في الفتح الظنون واقر به العيون واستبشر يومئذ المؤمنون وعلت الفريج ذلة وصغار وانكسروا كسرا ما له انجبار وعصت الابراج الكبار التي فيها الديوية والامن والاستار هيهات وقد استبيح حمى لحماتهما وضعفت نوي اقويائهم وكمانهم فحاصرناهم حول عشرة أيام أخر فاستأمن منهم ما ينيف عن و عشرة الف نفر ولم يجدوا مفرا حين راموا المفرولا مقرا حين أعوزهم المقر ففرقوا على الأمراء ليقتلوهم فقتلوهم عن آخرهم وابقى السلطان جماعة من أسراهم وأرسلهم الى الحصون وكان هذا الفتح العظيم في يوم الجمعة المبارك السابع عشر من جمادي الاخرة من هذه السنة واستنقذ الله عكا من ايدى الكافرين على يد الملك الاشرف صلاح الدين كما كان فتوحها اولا على يد صلاح الدين واقامت بايديهم مائة وثلاث سنين لم ينهض احد من الملوك الأيوبية ومن بعدهم من ارباب الدول التركية باسترجاعها ولا سمت هممهم الى افتراعها وذلك أن الفرج اخذوها في الأيام الناصرية في سنة سبع وثمانين وخمسمائة ولله الحمد على انتصار المسلمين واستظهار الموحدين وزوال دولة اعداء الدين وقمع الطغاة والملحدين بهمة اولي الهمم العلية والعزمات المنصورة المنصورية الاشرفية ولا خلاف في ان هذه الطائفة اربت على الأول ونالت بها الدولة من النصرة والتضرة ما لم تنله الدول ولما أتاح الله هذا الفتح وسهله وأباحه واجابه وعجله قرضه الشعراء وذكره الفضلاء ولما علقت ابراجها واضرمت بها النار فتهدمت وتساقطت عمل القاضي شهاب الدين محمود الحلبي كاتب الانشاء هذين البيتين وهما :

Shafi 280