============================================================
أتي الله بقوم) [المائدة: 54]، وقوله (فانبذ إليهم على سواء) [الأنفال: 58]، لما قدروا عليه، لأن هذا "السين" في قوله سيهزم الجمع) ، وفي قوله فسوف أتي الله) لا يمكن نقلها البتة. وقوله (فانبذ إليهم على سواء) لا يمكن نقله على هذا الاختصار، حتى يوسع الكلام فيه، ويكثر القول به، ويزال عن سننه، ويحاد به عن معناه، ويسلب بهاؤه. ومثل هذه ألفاظ كثيرة لا تنتقل عن لغة العرب إلىا سائر اللغات، ولا توجد لها ترجمة.
وروى الترمذي(1) عن محمد بن المنذر الهروي(2)، عن محمد بن عبيد الله العتبي(3)، قال: قال علي كرم الله وجهه: كلام العرب كالميزان الذي يعرف به الزيادة والنقصان، وهو أعذب من الماء، وأرق من الهواء، إن فسرته بذاتها استصعب، وإن فسرته بغير معناه استحال. فالعرب أشجار، وكلامهم ثمارا يمرون والناس يجتنون، بقولهم يقولون، وإلى علمهم يصيرون.
فعلى هذا، لغة العرب ممتنعة على سائر اللغات، واللغات كلها منقادة لها .
فأقبلت الأمم كلها إليها، يتعلمونها رغبة فيها، وحرصا عليها، ومحبة لها، وفضلا ابانه الله فيها(4) للناس ليبين لهم فضل محمد على سائر الأنبياء صلى الله عليه وعليهم أجمعين، وتثبت نبوته عندهم، وتتأكد الحجة عليهم، وليظهر دين الإسلام على كل دين، تصديقا لقوله عز وجل حيث يقول (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) [الصف: 9]. ولو ذهبنا نصف اللغات كلها عجزنا عن(5) ما لم يعطه أحد قبلنا . ولكنا نذكر من ذلك على قدر المعرفة ومقدار الطاقة، ونتكلم بما علمنا منه محبة لإيراد فضل لغة العرب، إذ كان فيه إظهار فضيلة الإسلام على سائر الملل، وإبراز فضل محمد صلى الله علي ه (1) محمد بن عيسى، المحدث مؤلف "السنن4 وغيرها، توفي سنة 279 : سير أعلام النبلاء9/ 332، نكت الهميان ص 264، مقدمة سنن الترمذي .
(2) جاء في ميزان الاعتدال 345/6: بيض له ابن أبي حاتم ، مجهول .
(3) في الأصول: محمد بن عبد الله، والصحيح ما في المصادر . توفي سنة 228 : المعارف لابن قتيبة ص 538، وفيات الأعيان 398/4، سير أعلام النبلاء 114/8.
(4) لم ترد في ه (5) لم ترد في ه
Shafi 94