============================================================
شيء من لطيف الخلق وجليله، ولم يدع شيئا مما ينبغي أن يكون مخلوقا إلا خلقه بحكمته، ومنع بعضه أن يفسد بعضا، وقدر على إمساكه كله، وجعله يمسك بعضه بعضا عن أن يبطل أو يفسد إلا بأمره وإذنه، فلذلك كان حكيما.ا ويقال في كلام العرب: أحكمت الشيء، أي استوثقت منه، ومنعته أن يفسد، ا ا ا الا ال ل ا ا الا لغتان. قال جرير: [الكامل] ابني حنيفة أحكموا سفهاءكم إني أخاف عليكم أن أغضبا(2) أي امنعوهم من التعرض لي. ومنه سميت "حكمة اللجام"، لأنها تمنع الدابة.
والحاكم يحكم بالشيء، فيمنع الناس من الظلم. قال عدي بن زيد: [الطويل] أعاذل من لا يحكم النفس خاليا عن الغي لا يرشذ لقول المفند(3) وقيل للرجل "حكيم". قالوا: ولا يسمى حكيما حتى يجمع العلم والعمل، كأن علمه منعه عن المعاصي، فعمل بطاعة الله، ولأن علمه ثبت، لأنه يعمل بعلم، فأمسك علمه عمله، لأن كل عمل بلا علم فهو باطل.
فالله عز وجل أحكم كل شيء خلقه، فحجز بين المتضادات بالمتشاكلات وجعلها مصالحة(4) بينها، فحجز بين الحر والبرد بالبلل واليبس، وجعلها يحصن بعضها بعضا، ويجمع بعضها قوى بعض، ويفرق بعضها أجزاء بعض، قواما ال لعالم، وصلاحا للحرث والنسل، ولم يعجزه شيء أراده من ذلك، فاعتدل العالم وما فيه بحكمته. فهو الحكيم بمعنى المحكم، لإحكامه خلقه . تبارك الله الحكيم.
(1) في ب : البناء.
(2) ديوان جرير ص 466 .
(3) جمهرة أشعار العرب ص 103، ديوان عدي بن زيد العبادي ص 104 . وفي الأصول: لطول (4) في ب : مصلحة.
Shafi 238