============================================================
أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا [الزمر: 53]، يعني بذلك الموحدين. وهذا معنى قوله: الرحمن منه الرحمة، والرحيم منه المغفرة. ويقال في الدعاء: يا رحمن الدنيا ورحيم الآخرة، يعني بسط الرحمة في الدنيا للبر والفاجر، فدعاهم إلى توحيده، وفطرهم على معرفته، ولم تكن الرحمة والمغفرة والرقة إلا للموحدين في الآخرة.
وقال أبو عبيدة في قوله (وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أسجد لما تأمرنا [الفرقان: 60]، قال : ذكروا أن مسيلمة الكذاب كان يقال له الرحمن"، فقالوا: ما نعرف الرحمن إلا الذي باليمامة، يعنون مسيلمة(1). فأنزل اله عز وجل (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى) [الإسراء: 110](2).
وسمعت ثعلب(3) يقول: كانت العرب تأبى "الرحمن". وقال في قوله (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن) قال: كان النبي صلى الله عليه يكتب أولا "بسم اله"، ثم كتب "بسم الله الرحمن"، فكانت العرب تأبى الرحمن(4). فقال الله (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى . قال: وهوا بالسريانية "رخمان". وأنشد بيت جرير في الأخطل: [البسيط] هل تتركن إلى القسين هجرتكم ومسحكم صلبهم رخمان قربانا(5) وأما "رخيم" فهو من الرخمة، وهو أيضا الرقة والشفقة. وفي الحديث عن مالك بن دينار، قال: إن الله عز وجل يقيم داود عند ساق العرش، فيقول يا (1) تفسير الطبري 36/19، أسباب النزول ص 181 وص 195، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام 87/6.
(2) لم يرد هذا النص في المطبوع من مجاز القرآن لأبي عبيدة 79/2.
(3) في م وأخواتها : ثعلبا . وهنا نقل سماعي آخر عن ثعلب.
(4) ينظر: آسباب النزول للواحدي ص 181 وص 195.
(5) الزاهر 153/1، وانظر مناقشة الزجاجي لهذا الرأي المنسوب لثعلب في كتابه اشتقاق أسماء اله ص 42- 43، مع ملاحظة أن المؤلف ينقله عن ثعلب سماعا . والبيت في ديوان جرير .167/1
Shafi 182