============================================================
وعلى "الله"، وعلى "الرحمن"، وعلى "الرحيم"، ثم جعلها مقصورة على ذلك ، تامة كاملة، فناط بها كتابه، وجعلها فاتحة كل سورة في كتابه، عبرة للناظرين، واية للمعتبرين، وحجة على العالمين. تبارك الله أحكم الحاكمين.
قال قوم من أهل اللغة وأهل المعرفة بالعربية: "بسم الله الرحمن الرحيم" ، ل اله منعوت بالرحمن الرحيم. قال: إنما تجري النعوت على ضربين؛ أحذهما تخليص الاسم من الاسم، كما تقول : جاعني زيد، فتعلم أن الذي تخاطبه يعرف زيدا، والزيدون كثيرون، فتقول "جاءني زيد الطويل"، أو "زيد القصير"، أو ما أشبه ذلك، لتخلص واحدا ممن كان له مثل اسمه، إذا كانا قد استويا في الأسماء، فيعرف هو من غيره. فهذا جار(1) في هذا الوجه.
والوجه الآخر يراد به الثناء والمدح والتقريظ والذم والشتم. يقال: "جاءني زيذد الشريف الكريم النبيل"، أو "جاءني زيد البخيل الشحيح"، فيعلم أنك تثني عليه، أو تذمه(2) . فإذا قلت "بسم الله الرحمن الرحيم"، فإنما هو ثناء على الله وتقرب إليه وتحبب. فهذا يلزمه هذا الوجه. ولا يلزم الوجه الأول من جهة التخليص: لأنه عز وجل لا سمي له، فيخلص من غيره. وكذلك كل ما كان من هذا البب في صفة، كقوله تبارك وتعالى هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم) [الحشر: 22]، وكذلك قوله (هو الخالق الباري المصور) [الحشر: 24]، وكذلك (الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر) [الحشر: 23].
الابعم قال الفراء: إنما حذفوا الألف من كتاب "بسم الله الرحمن الرحيم"، لأنها في صدر كل سورة، فكثرت مع هذا على ألسنتهم، فاستخفوا حذفها، لأنها وقعت (1) في م وأخواتها : يجاز، وفي ه: مجار، وفي المطبوع: مجازه.
(2) يعود الأصل في التمييز بين هاتين الطريقتين في النعت إلى سيبويه في الكتاب 57/2 وما بعدها، ثم توسع فيها اللاحقون، انظر : اشتقاق أسماء الله للزجاجي ص 275 .
Shafi 164