وفي الأسابيع التي تلت الهجمات على البرجين السامقين في نيويورك لم تشاهد كاثي إلا عددا بالغ القلة من المسلمات في الحياة العامة، وكانت واثقة بأنهن مختبئات ولا يخرجن من المنزل إلا إن دعت الضرورة، وفي أواخر سبتمبر كانت في حي «والجرينز» عندما شاهدت أخيرا امرأة ترتدي الحجاب، فأهرعت إليها قائلة: «السلام عليكم.» مصافحة مرحبة. كانت طبيبة تدرس في كلية تولين ويخامرها الإحساس نفسه، كأنها منفية في بلدها نفسه، وضحكت كل منهما على السعادة الغامرة التي واتتهما عند التلاقي. •••
وفي هذا اليوم من شهر أغسطس، قامت بالتسوق عند البقال دون مواجهة، ثم بدأت توصيل البنات إلى المنزل.
وسألتها نديمة: «هل سمعت عن العاصفة؟»
وأضافت صفية: «إنها مقبلة علينا.»
وسألتها نديمة: «هل نرحل؟»
كانت كاثي تعرف أن أطفالها يريدون الرحيل، يريدون الذهاب إلى منازل أقاربهم في مسيسيبي أو باتون روج، فيكون ذلك بمثابة عطلة، أو يومين من الكسل، وربما حصلوا على عطلة عند إغلاق المدرسة يوم الإثنين لتنظيف المدينة، كان ذلك قطعا ما يفكرون فيه ويأملونه. كانت كاثي تعرف مسار تفكير أطفالها.
وعندما وصل الجميع إلى المنزل في الخامسة كانت نشرات الأخبار تتحدث باستمرار عن إعصار كاترينا، وشاهدت الأسرة في التليفزيون صور الأمواج الهائلة والأشجار المقتلعة والبلدات الكاملة التي اجتاحتها الأمطار الغزيرة فكستها باللون الرمادي، وكان المركز القومي للأعاصير يتنبأ بأن كاترينا ستصبح عما قريب إعصارا من الدرجة الثالثة، وعقدت بلانكو، حاكمة الولاية، مؤتمرا صحفيا لتعلن فيه حالة الطوارئ في ولاية لويزيانا، وفعل ذلك نفسه باربر حاكم ولاية مسيسيبي معلنا فيها الطوارئ.
كانت كاثي منزعجة، ظلت تجلس على مسند الأريكة بذهن شارد جعلها تغفل البدء في إعداد العشاء حتى السادسة، وطلبت زيتون بالتليفون.
وسألته: «هل تستطيع إحضار بعض الدجاج المشوي في طريق عودتك للمنزل؟»
وقامت نديمة بترتيب مفرش المائدة وأطباق الطعام لكل فرد في المنزل، بينما أخذت صفية وعائشة تضعان أدوات الطعام والأكواب في أماكنها، وأعدت كاثي طبقا من السلطة وصبت اللبن للصغار والعصير لها ولزيتون.
Shafi da ba'a sani ba