لوازم المنهج العقلي
من لوازم المنهج العقلي ضرورة الاستقلال في التفكير الذي يؤدي كثيرا إلى وجود تيارات متباينة، بخلاف غيرها من المناهج التي تؤدي إلى استقرار نسبي في التعدد الفكري. بعض هذه التيارات قد تنشأ مضادة للفكرة الأصلية، ولكن لا يمكن أن تستحق البقاء، وتتطلب التطور إلا بالحرية الفكرية. وأما الفكرة التي لا تستحق البقاء فلا ضرورة للتمسك بها. فإذا كان ثمن الحرية هو التباين فليكن. وقد يرى البعض أن المنهج العقلاني يؤدي إلى خروج كثير من الناس عن الإسلام، لأن من لوازمه حرية التفكير، ولكن لا يمكن أن تعطي الحرية قيمة عليا في أي مجال، إلا وتنعكس عليك في بعض التفاصيل، وهذه طبيعة الحياة، وذلك ثمن الحرية. إضافة إلى النتائج الكبرى لنحو هذا المنهج عند صياغة رؤية للحياة، فهناك نتائج فرعية تتوخى منها. ذلك أن مقتضى ما سبق يعني أن لا تشيع كثير من الخرافات التي شاعت في المجتمعات المسلمة، نحو ما شاع عن الحسد والعين، والكرامات المعجزة، والأخبار والقصص عن الدجال، وغيرها. فعلى سبيل المثال ينتج المنهج رأيا مفاده أنه لا يجوز أن تقع معجزة لغير الأنبياء، وذلك باعتبار أن وقوع ذلك يفقد الأنبياء اختصاصهم بها، وبالتالي فلا يصح أن نقبل أو نروي كرامة من الكرامات التي تخالف السنن، وتشبه في طبيعتها المعجزات النبوية. كما سيفسر العين أنها كناية عن الحسد والمكيدة، وليست أكثر من ذلك، باعتبار أن المعنى الشائع بين العامة يقتضي أن المشاهدة غير صحيحة، ولا يمكن قبول ذلك. وأما الدجال فباعتبار أن النصوص الواردة فيه قد جعلت له من المعجزات ما لا يمكن أن يمتحن الله تعالى به عباده، أو يظهره على عدو من أعدائه، وعليه فلا يمكن قبول تلك الروايات.
Shafi 61