ب. إن الله تعالى لغناه عن علاقة الناس به، يريد أن يكون لوجوده في حياتهم مصلحة لهم. فإن غابت تلك المصلحة، فإن قيمة علاقتهم به تضمحل. لذلك يمكن القول إن غياب العدل بمثابة غياب الله تعالى من وعي الناس وتفكيرهم. غياب العدل يعني غياب الدين. لذلك كان وجود العدل ضروريا لبقاء الدين. ما سبق يبين الرؤية بشكل مجمل. إنها رؤية عقلية تؤمن بأن العقل مصدر المعرفة، وأن الروح وعاء لها. رؤية تدعو إلى إحياء وجود الله في حياتنا. إحياء وعينا بعلاقتنا الوجودية به، وإحياء وعينا بمسيرتنا الاختيارية والاضطرارية إليه. والعمل على تفعيل أثري وجود الله: الأثر على علاقة الإنسان به، والأثر على علاقة الإنسان بالإنسان. ما يلي توضيح لبعض تفصيلات هذه الرؤية. هذه التفصيلات يمكن أن يضاف إليها، أو يطور فيها، كل ذلك بحسب الظرف والحاجة. وسنبدأ أولا بعرض المفاهيم المنهجية لهذه الرؤية. المفاهيم المنهجية ...
أولوية العقل
أول ما تؤكده الرؤية هو استنادها للعقل في تأسيسها. سنجد أن مفاهيمها المنهجية المذكورة كلها تفرعات عن أولوية العقل وتقديمه في كل شيء. وهناك اختلاف حول أمر العقل وعلاقته بالنص. فالسائد هو اعتبار أن أمر الدين يعود كلية إلى النص، وأن العقل عليه التوقف عند حدود المادة والمحسوسات. وقد صاغه البعض بعبارة "التعارض بين العقل والنقل". ومحور الخلاف ليس التعارض، وإنما صلاحية العقل في إدراك القضايا الدينية، والمصالح الدنيوية مستقلا عن النص من جهة، ومن جهة أخرى قبول مبادئ دينية تتعارض مع العقل. على ضوء ذلك تشكل لنا منهجان:
1. منهج يستند إلى العقل ليفهم به النص.
2. ومنهج يستند إلى النص ويكيف العقل وفق فهمنا له.
Shafi 48