1. إبعاد العقل عن كونه المصدر المعرفي الأول الموجه للحياة العامة: أول هذه العناصر وأبرزها وأهمها وأعمقها أثرا وأشملها. لقد حصر دوره المستقل في إثبات نسبة القرآن الكريم إلى الله تعالى، وأما بعد ذلك، فغاية دوره هو التفسير. ولما تم تأخير العقل عن النص، صار العقل منتظرا للنص ليعطيه الإذن بالعمل في هذا الاتجاه أو ذاك. ولما كان النص من شأنه أنه لا يعطي التفاصيل كلها، اعتمادا على العقل وخبرته، وجدنا أنفسنا بعقل ممنوع من العمل، وأمام حاجات لم يفصل فيها النص، وصرنا إما نتهم النص بالتقصير، أو نجهد بالتكلف في استخراج دلالات منه، لم يردها ولم يشر إليها. إن النص أتى لينبه العقل إلى معنى الحياة، كما أتى ليعطي الإنسان الدافع الروحي في التحرك وفق ذلك المعنى، ثم تركه ليحدد معالم وتفاصيل تلك الحركة، مع شيء من التدخل في قضايا فرعية لا تؤثر على جوهر الحركة، ولا على وجهتها، كما لا تقلل من دور العقل في رسم مستقبله. ولكن الذي حصل في الثقافة الإسلامية هو أن العقل تم إلغاؤه، وحصر دوره في فهم النصوص الدينية، واعتبرت جميع القضايا التي أتى بها النص تأسيسا لأحكام لا يمكن للعقل أن يدرك ضرورة القيام بها بذاته، كما اعتبر أن جميع شؤون الحياة لا بد وأن تنطلق من النصوص لتجد مشروعية لها في الحياة.
. التقليد: يقصد به تقليد الرموز في القضايا الدينية الأساسية التي تتعلق بإيماننا بالله وعلاقتنا به جل وعلا، وفي تحديد المصالح والمفاسد. ويمكن اعتباره أول وأبرز آثار إبعاد العقل. فهو أساسا العمل وفق تفكير عقل الغير، ولذلك يقضي ابتداء على ميزة أساسية لدى الفرد، هي عقله المستقل. إضافة إلى ذلك فإن التقليد يولد مجموعة أخرى من المشاكل، منها:
Shafi 33