Mijin Matan Lead da 'Yar Sa Mai Kyau
زوج امرأة الرصاص وابنته الجميلة
Nau'ikan
تذكرت جعفرا، جعفر مختار، أشعلت سيجارة، أطفأتها، اعتذرت لك مليكة عما بدر منها من استئجار رجال أشداء لاصطيادك وربطك، قالت لك: لأننا نحبك ولا نريد أن تضيع، ثم أقرأتك جواب ملوال المرسل إليها من جبهة الحرب، ورأيت اسمك مكتوبا بخط ركيك لكنه واضح، يقرئك السلام والتحية ويقول لك: احتفظ بسلبيتك بشأن الحرب؛ لأنها ما أضحت حربا بين بشر، إنها حرب أشباح.
وكتب في موضع آخر: تعتبر الحرب بالنسبة لي انتهت، وما يحدث الآن هو مجرد قتال، قتال عنيف لا فهم له. وكتب أيضا بين قوسين كبيرين لأخته مليكة: إن الله مع الجانبين. هل كان يخاف على قلب أخته؟ استطعت أن تخفي ارتباكك ورماديتك وخوفك من عيني مليكة، سألك ابنك رياك عن أمور شتى، بشجاعة وصدق وصبر عظيمين، رغم أنك لا تزال تعتبره ولدا ساذجا بسيطا مندهشا بالظواهر، ولدا ورقيا ريحيا، منى يعجبها فيك أنك تحاول دائما أن تجد فهما للحياة خاصا بك، فهما لا يستطيع ابتلاعه غيرك وجعفر، يعجبها فيك ثقافتك، حريتك وسعيك المتواصل نحو نقطة أبعد عن مرمى البصر، تواضعك وأشياء أخرى تحبها لكنها لا تستطيع أن تقولها لك، وهي تراقبك عن كثب وأنت، وأنت تلاحظ بدقة انكسار جموح نهديها، نموها العقلي، خربشة أظافر الآخر على كتفها وظهرها، ذكاءها الاجتماعي ووعيها، تذكرت جعفر مختار، أشعلت سيجارة، أطفأتها، حاولت أن تقرأ القصة القصيرة ذات المقدمة التنديدية، لاحظت أن اللغة فيها باردة ومملة ومتعبة جدا، بصقت.
أنت تحب كتب الفلسفة والديانات، الباراسايكولوجي، تحب أن تجلس على شاطئ النهر وحيدا، تقرأ الكون من حولك، وتحاول ما أمكن أن تقرأه نفسك، منذ أن ماتت مليكة شول مادنق، سبعة أعوام وأنت لم تشته امرأة، حاولت مرة أن تعانق ضفائر سيدة عطرة، لكنك وجدت نفسك عاجزا عن فعل شيء، كنت باردا كفحم في مخزن رطب مهجور، تذكرت قول مليكة لك: لن تستطيع أن تتزوج امرأة بعدي.
قلت لها ضاحكا حينها: غير صحيح؛ لأن الرجل لا يهتم كثيرا بمسائل تبدو لكم معشر النساء مهمة، فالرجال يتزوجون ويتزوجون، وقد لا يذكرون نساءهم الأول.
في الحق أنت لا تؤمن بما تقول، ربما في ذاتك كنت تود أن تقول عكس ذلك، لكن مليكة الجميلة فهمت ما أردت أن تقوله بالضبط ولخصته لك في جملة واحدة. لأني أحبك يا مليكة، فأنا رجل أمامك أنت فقط، رجل لك أنت وحدك، حية كنت أو ميتة. أشعلت سيجارة، أطفأتها، أطرقت تفكر في خطاب الموازنة وإمكانية زيادة الدخل القومي بزيادة توظيف مدخلات الإنتاج وإيجاد حل سلمي للحرب أو إسقاط النظام القائم، بل إسقاط كل التاريخ، وإسقاطك أنت نفسك في نوم ثقيل مرعب. دخل إليك رجلان من الجيران، قال لك أحدهما: بالأمس مات رجل عجوز غريب، كان يجلس أمام بيت له قديم في الحي، ويظن البعض أنه والدك؟ قلت لهما: وهل أنا أبحث عن أب؟ قال أحدهما: إذا عرفنا لك أبا فربما استطعنا أن نستنطق البعض بأنهم شهدوا عقد قران أمك، بالتالي تصبح ابنا شرعيا. قال الآخر: مسألة مجاهرتك بأنه لا أب لك وافتخارك بذلك يسبب لنا ولكل الجيران مأزقا أخلاقيا، وأيضا لابنك الصالح رياك. فضحكت، حاولت أن تتبول، لكنك عدت من المرحاض كما ذهبت إليه.
قلت لهما وأنت لا تزال تتفجر ضحكا: إذا قدما لي التعازي، لقد كان أبي بالتأكيد رجلا صالحا أفنى عمره في حبه لكم.
ولا تدري لماذا ذهبت إلى والدتك في ذلك اليوم، حيث بادرتك قائلة وأنت تلج حجرتها: محمد الناصر، ماذا جاء بك؟
قلت لها وفي فمك ابتسامة صغيرة: لقد مات رجل عجوز غريب، كان يجلس أمام بيت له قديم في الحي، ويظنه البعض والدي. قالت ولم تبرح مرقدها بعد: أنت تبحث عن أب؟
فقلت لها: بل هم الذين يبحثون عن أب لي، يريدون شرعنتي، وإنهم يظنون أنفسهم موتى في مأزق أخلاقي!
إذا ينتظرونك لكي تبعثهم، أو على الأقل إخراجهم من هذا المأزق الأخلاقي، إذا اذهب وقل لهم : إن أباك هو الشيطان نفسه، الشيطان الذي يتبول في مناخيرهم كل ليلة وهم نيام، ويزني بنسائهم وبناتهم، ألم أقل لك ذلك من قبل؟ ماذا تريد مني؟ اذهب واسأل جعفرا، جعفر مختار، إذا شئت، ثم أضافت بكل برود: أنا حرة، لقد قالوا: إنك أيضا حر.
Shafi da ba'a sani ba