Zaman a Falsafa da Kimiyya
الزمان في الفلسفة والعلم
Nau'ikan
ولعل أمر العلم الحديث هين، فعمره قصير، ورؤاه محددة بعالم الظواهر، وبقواعد منهجية بينة، وهو لم يمر حتى الآن إلا بمرحلتين: المرحلة الحديثة من القرن السادس عشر إلى نهاية القرن التاسع عشر التي تتوجها نظرية نيوتن ذات التصور المطلق للزمان، ثم المرحلة المعاصرة في القرن العشرين، وتتوجها النظرية النسبية بمفهومها النسبي المتغير للمتصل الزماني-المكاني، والنسبية ذروة ما وصل إليها العقل البشري في استكناه هذا الكون وفهمه بزمانه ومكانه ومادته.
ولكن المفهوم العلمي - مأخوذا على حدة - هو تناول سطحي ومبتسر؛ فلا بد إذن من التعمق الفلسفي. وحتى بالنظر إلى فلسفة عالم الظواهر فحسب، ربما كان الفكر الفلسفي صورة مبدئية - ولعلها فجة - للتفكير العلمي الناضج. ولكن فلسفة العلوم - أحدث وأهم فروع الفلسفة المعاصرة - هي على وجه الدقة التفكير العلمي، وقد أصبح راشدا مسئولا بإزاء كل مقولة أو مفهوم أو مبدأ منهجي يقام عليه نسق العلم. والتناول المثمر الجدير بإشكالية محورية ومهمة من قبيل إشكالية الزمان، لا بد أن يتعقبها منذ بدئها في الفكر الفلسفي؛ أي: في الفلسفة اليونانية (كما هو معتمد أكاديميا، وليس يتسع المجال الآن للخوض في قضية الفكر الشرقي القديم وكونه المقدمة الضرورية)، ولا بد أن يتتبع نموها وسيرها حتى يصل إلى العلم الحديث. إن الفلسفة تملك المقومات الجذرية التأصيلية العميقة، والنظرة الشمولية الاستشرافية الرحيبة لمجمل تجربة العقل الإنساني، إن لم نقل الحضارة الإنسانية بمختلف المناشط ومختلف المنطلقات والبواعث والأهداف، ومن الفلسفة دون سواها، يكون المدخل المحدد المعالم والمخرج المفتوح الآفاق للمناشط العقلية الأخرى على العموم، وللعلم على الخصوص، أقرب الأقربين إلى الفلسفة، ورفيقها المظفر، في حل المشكلة الأبسمتمولوجية/الأنطولوجية. ملاك القول إنه لا بد من تناول فلسفي شامل يضم التناول العلمي بين شطآنه.
وإشكالية الزمان بكل ما رأيناه من رحابة آفاقها وتعدد أبعادها، قد مثلت واحدة من أمهات المشاكل الفلسفية التي تظل عتيقة وغضة ناضرة، تفتح آفاق دائمة لتناولها مجددا؛ لذلك دأب معظم الفلاسفة على طرح رؤاهم التجديدية لإشكالية الزمان، والمحصلة ركام هائل من نظريات تخلقت طوال تاريخ الفلسفة. ومن ثم يبدو بحثنا هذا - بعد أن قطع نصف الطريق - قد غرق في لجة لا مخرج منها، إذا أراد أن يكتمل بوضع تصور عام لإشكالية الزمان، وبدئها ومسارها في بنية العقل وتاريخه؛ أي: لمجمل معالجات الإشكالية في الفلسفة، ثم في العلم الذي هو امتداد خاص لها، استقل ونما، ثم تعملق. يبدو هذا الآن مغامرة غير مأمونة العواقب، إذا كان السير المنهجي النسقي فيها متاحا أصلا، وسط هذا الخضم الهائل من النظريات التي يحتاج حصرها لمجلدات.
لكن الحصر والتعداد الآلي أسلوب ساذج وبدائي، وليس من المقبول ولا المشروع، أن يبدأ بحث فلسفي ما لم يكن مسلحا بأسلوب أكثر حصافة، إن لم نقل مبشرا بالجديد المبتكر.
وبالتفكير مليا في الأمر، تبين أنه من الممكن حصر التناول الفلسفي والعلمي لإشكالية الزمان؛ لنخرج بصورة عامة مستوعبة لمجمل مسارها، وذلك فقط إذا تسلحنا بمفتاح من مفاتيح الفكر الفلسفي، ينفذ إلى الصميم فتنفض معه كل المغاليق، الظاهر منها والباطن، البارز والغائر، المكشوف والمستور، فيمكننا من الإحاطة بالفكر الفلسفي، في معالجاته للإشكاليات الواسعة النطاق من قبيل إشكالية الزمان.
والمفتاح المقصود هو أنه بالنظر المتعمق للفلسفة، نجدها عن بكرة أبيها يتنازعها تياران يمثلان منها اللحمة والسدى، هما تيارا العقلانية واللاعقلانية.
العقلانية هي - ببساطة - الإيمان بالعقل باعتباره القوة المدركة التي يمتلكها الإنسان والقادرة على الإحاطة بكل شيء، وإليه يرتد كل شيء، والمذهب العقلاني المعتدل - وهو مذهبنا - «يؤمن بالعقل، ويؤمن بالوجود، وبقدرة العقل على تعقل الوجود.»
1
وبالعقلانية يرتد الزمان، كما ترتد كل إشكالية أخرى إلى الوعي التصوري، الذي يتناول موضوعه برده إلى تصورات أو مفاهيم، هي حدود أو أطراف تربطها علاقات منطقية. إنه إذن تناول موضوعي
Objective ، أو بمصطلح معاصر أكثر دقة وصوابا نقول إنه تناول بين-ذاتي
Shafi da ba'a sani ba