قيصر أيها الأجل الأعظم، أكذا تظل منبوذا بأسفل مطرح لقى
6
صريعا بأدنى مرقد ومضطجع؟! أكذا تقلصت فتوحاتك وانتصاراتك ومغانمك ومساعيك ومعاليك وجليل مآثرك وجسيم مفاخرك، فاضمحلت وتضاءلت إلى هذا القدر اليسير والكم الزهيد؟! في ذمة الآلهة وضمانها.
لست أدري أيها السادة ماذا تبتغون، ومن بعد تريدون أن يسفك دمه، ومن بعد ترونه قد فسد مزاجه، فأصبح بحاجة إلى الفصد والإدماء، وامتد واستطالت فروعه فاستوجب الحذف والإقصاء؟ إذا كنت أنا ذاك الرجل، فالآن الآن؛ فما ساعة أليق ولا أنسب من ساعة هلاك قيصر، ولا سلاح أنفس قيمة وأجل قدرا من سيوفكم تلك التي زانها وحلاها أزكى دم في هذا العالم بأسره، فلئن كان بصدوركم على حرد أو في قلوبكم إحنة، فالآن الآن، ولظى المنون تحتدم بين أكفكم المخضوبة، وشرر الحمام يستطير من راحكم المحمرة القانية - أسألكم أن تقضوا حاجتكم مني وتشفوا نفوسكم، فلو أني عشت ألف حجة، لما صادفت آونة تكون أوفق لمماتي من هذه الآونة، فلا مكان أحب إلي من ها هنا، ولا أداة لمقتلي هي أروح لنفسي من جماعتكم، يا صفوة هذا العصر ولبابه وعصارته، ويا فحول هذا الزمن وسادته وقادته!
بروتاس :
أي أنطانيوس! لا تسألنا قتلك، إنا وإن بدت علينا الآن أمارات الفتك والقسوة لحمرة أيدينا، وما ترانا أنفذناه الساعة من هذا العمل، فإنك لا تبصر سوى أيدينا وما صنعت من هذه الفعلة الدموية، أما قلوبنا فلست تبصرها، وإنها لرحيمة، وكما أن النار تطرد النار
7
فكذلك الرحمة تطرد الرحمة؛ ولهذا فإن رحمتنا لمظالم روما عموما قد نفت رحمتنا لقيصر، ودفعتنا إلى أن نصنع به ما صنعنا. أما من ناحيتك أنت فسيوفنا مثلمة مفلولة يا مارك أنطانيوس، وأذرعنا ليس يغريها بك، ولا يسلطها عليك غل ولا ضغينة، وصدورنا النقية الخالصة مرحبة بك تفسح لك كنفها وتفرشك خوانها
8
مع مزيد المحبة وحسن الظن والإكبار والتجلة.
Shafi da ba'a sani ba