قال: «ومن قراءة التحقيقات الصحفية الأخيرة عن الحياة في روسيا، أشعر أن هناك ثورة في داخل الثورة، وأن الشيوعية في طريقها إلى تطور جديد.»
قديمة
وهذا في جملته خبر قديم مسبوق!
ولا ضير على الأستاذ مصطفى في هذه «التشنيعة» الصحفية؛ لأن الخبر مسبوق في الأخبار الجديدة نفسها، وقبل سنة من هذا التاريخ نشرت الأخبار الجديدة تحقيق وكيل الصحف المتحدة بعد ثلاثة أشهر قضاها في البلاد الروسية، ثم خرج منها يقول إنه وقف على أخطر تطور في روسيا للثورة البلشفية، إن في روسيا الآن ثورة تتطور في هدوء وبسرعة، وقد أم هذه الثورة الجديدة في روسيا مديرو المصانع وأساتذة الجامعة والعلماء والمهندسون وضباط الجيش ورؤساء العمال.
وإني أذكر هذا الخبر؛ لأنني عقبت عليه في حينه قائلا إن الكرة الأرضية في العام المقبل تدور يمينا، وإن خبر الوكالة الصحفية المستعجل ليس بالخبر الحديث عندنا؛ لأننا توقعناه قبل ثلاث سنوات، فقلنا في رسالتنا عن فلاسفة الحكم في العصر الحديث إن كارل ماركس مخطئ في تقديراته، وإن الصناعة الكبرى لا تؤدي إلى النتيجة التي تقعر غاية التقعر في الإنباء بها، وإنما تنشأ «طبقة غير طبقة أصحاب الأموال وغير طبقة الصناع والعمال، تشرف على أدوات الإنتاج، ولا يتأتى الاستغناء عنها في المجتمع القائم على الصناعات الكبرى، وهذه هي طبقة المديرين الفنيين، وخبراء الصناعة وما إليها.»
ومن عهد لينين
ولم يشعر زعماء الشيوعية اليوم - فقط - باستحالة تطبيق الخرافة الماركسية في عالم الواقع، بل بدءوا يشعرون بها حين بدءوا بالتطبيق، فأباحوا للفلاح في المزرعة الجامعة أن يقتني بيتا؛ يعيش فيه مع عائلته ويربي فيه دواجنه ويتركه لذويه الذين يحلون في عمل المزرعة محله، واضطر مديرو المصانع إلى مضاعفة الأجر على حسب القطعة، وزيادة الدخل السنوي على حسب المقدرة والبراعة، ثم وجدوا أن الإغراء بزيادة الأجر والدخل لا يحفز النفوس إلى مضاعفة الجهد والمثابرة ما دامت الزيادة لا تجلب لهم شيئا غير الضروريات، فأطلقوا العنان لتجارة الترف والزينة، وأصبح من معروضات الدكاكين عندهم قوارير للعطر وأكسية من الحرير والمخمل تباع بمئات الجنيهات.
الأطوار النفسية
والأطوار النفسية أهم جدا من هذه الظواهر المادية؛ لأنها جميعا تدل على إفلاس الماركسية من الداخل، وتنبئ عن أحداث المستقبل التي لا مناص منها طوعا أو كرها، وعلى هوى الدولة أو على غير هواها.
ومن هذه الأطوار إقبال الملايين على الكنائس، واستطاعة هذه الكنائس أن تجمع النفقات لترميم ما تخرب منها أثناء الحرب والثورة من تبرعات المصلين دون غيرها؛ لأن الدولة - كما هو معلوم - لا تنفق على المعابد شيئا من خزانتها، بل تنفق من الخزانة على المعاهد التي تفتحها وتديرها لمحاربة الدين.
Shafi da ba'a sani ba