قرأت اليوم تعليقهم على ثورة شرق الأردن، فرأيتهم يعللونها بالدسائس الخارجية .
كذلك فعلوا، تماما، حين أرادوا أن يعللوا ثورة مصر في سنة 1919؛ فإنهم لم يفتح عليهم بسبب في تعليلها غير دسائس الترك والألمان.
ومعنى هذا أن الترك والألمان قد استطاعوا في يوم واحد وهم منهزمون ما لم يستطيعوه في سنوات وهم صامدون على الأقل أو منتصرون.
ولكن التعليل الصحيح لهذه التعليلات السقيمة، أنها تستر جهل المسئولين أو تعفيهم من تبعات قصر النظر وسوء التدبير، فلا يقال عنهم إنهم أخطئوا الرأي وجهلوا العواقب، بل يقال عنهم - كما يحسبون - إنهم معذورون غير ملومين؛ لأن السبب راجع إلى العوامل الأجنبية التي لا تدخل في التقدير.
وعندنا اقتراح واحد ينفع هؤلاء المستعمرين، فيتعلمون شيئا وينسون شيئا، ولا تصير بهم الجهالة إلى مصير أسرة البربون.
حاولوا - وأنتم أقوى الأقوياء - أن تخلقوا ثورة كثورة الأردن الآن أو كثورة مصر، فإن استطعتم فأنتم حقا معذورون غير ملومين.
ولن تستطيعوا وأنتم أقوى الأقوياء في العصر الحاضر أن تصنعوا ما تتهمون به كل يوم أناسا لا يبلغون مبلغكم من القوة والثروة وفساد الضمير!
المحسوبية في بلاد الإنجليز1
ندر بين التراجم التي تؤلف عن ساسة الإنجليز المشهورين في البلاد الشرقية؛ أن نقرأ كتابا يحتوي من الحقائق والأخبار الصحيحة ما احتواه هذا الكتاب في ترجمة السير ريجنالدونجت، الذي كان مندوبا ساميا لدولته في مصر أيام الثورة المصرية، وكان قبل ذلك حاكما عاما للسودان.
ومن هذه الحقائق، التي جاءت في الكتاب على غير قصد من المؤلف، أن المحاباة أو «المحسوبية» التي يعيروننا بها داء قديم متأصل في الحكومات الغربية، لم تسلم منه أعرق البلاد في النظام البرلماني، وأشهرها بالدقة والضبط في معاملة الموظفين، وسيرة صاحب الترجمة من الأدلة الكثيرة على قدم هذا الداء - داء المحسوبية - في بلاد الإنجليز.
Shafi da ba'a sani ba