Ranar da Shaidan ya Mutu
يوم مات الشيطان
Nau'ikan
خرجت نساء مروان من المسبح، كان يود أن يصفعهن، أو يشتمهن على عملهن المشين. أثناء طريق العودة وهم على المركبة تسبح في الجو، كسر صمته، وأخبرهن أن هناك طفلة دعته: «يا أبي»، وأنه لم يفهم لماذا الأطفال يدعون أي رجل بالأب؟ أجابته سيرينا بما أغضبه أكثر من مشهد عريهن في المسبح، بأن الأولاد ينتسبون للأم؛ لذلك ينادى الرجل بأب للجميع. عض مروان على أسنانه وصمت. وصلوا المنزل، أسرع هو إلى الحمام، وأخذ يلعن في نفسه، ويشتم العادات القبيحة التي وجدها في عالمه الجديد، لكنه قرر أن يلتزم بقوانين هذا العالم؛ حتى لا ينبذ إلى أماكن خاصة بالشواذ. ساده الحزن والصمت. لم يعد اللقاء الروحي بينهم كسابق عهده. حاولت النسوة الترفيه عليه وتعطيره بعطر السعادة. أخبرت مريانا البروفيسور ماري بأمره، فأفادت أنه آت من عالم آخر، وبدأ انبهاره يقل مما حوله، والحزن كان سائدا في عالمهم لتفشي فساد الحكام، لكن لحظة الفرح في ذلك العالم كانت تطغى على حزن لأيام عدة، ولولا الأمل لكانت حياتهم تعسة جدا.
في الجانب الآخر من عالم مروان الجحيمي الذي تسوده الكراهية، بعد أن أعيد من المقبرة إلى منزله في حي السنينة. كانت أنبوبة التغذية عبر الأنف قد أبعدت، ففتح له الطبيب فتحة عبر السرة إلى المعدة. وأصبحت والدته غصون هي التي تقوم بحقن ولدها بالطعام، وتكثر من البخور في الغرفة. تبقى بجانبه ليلا ونهارا تقرأ القرآن؛ لطرد الأرواح الشريرة عن جسده.
تصاعد الاختلاف بين علي ومعاوية على إدارة السوبر ماركت، ولم تعد الأم قادرة على رأب الصدع بينهما. قسما السوبر ماركت نصفين، كل يدير نصفا، ولم يعد الاثنان يفكران في الحرب الدائرة في البلاد بقدر الحرب الدائرة بينهما؛ حتى إنهما نقلا اختلافاتهما إلى البيت، وكل يهدد الآخر ويتوعد .. لم يقف مع علي من إخوته إلا أخته فاطمة وولداها نادر وسامي، ووقف بقية الإخوة مع معاوية.
كان ذلك اليوم هو يوم عيد الأضحى، ملطخا بدماء الأبرياء تسيل إلى جانب دماء أضاحي العيد، فقد فجر انتحاري نفسه، وقتل خمسة وعشرين مصليا أثناء تأدية صلاة العيد في مسجد البليلي وسط صنعاء وجرح المئات. وفي اليوم نفسه توفي سبعمائة وسبعة عشر حاجا وجرح ثمانمائة وثلاثون، نتيجة للتدافع أثناء مناسك الحج في مكة عند رمي الجمرات. وفي مدينة تعز قبض على قناص وسحل في الشارع؛ كان قد قتل ثمانية وثمانين من المدنيين، واشتباكات متفرقة في البلاد.
الفصل السادس
العادة معتقد آخر، تنحني للعاصفة لكن لا تنكسر.
1
أدركت مريانا أن مروان يتخلله الحزن أحيانا، ففكرت برحلة مكوكية حول مقاطعة صنعاء، وأخبرته أن هناك مفاجأة له وسيراها أثناء الرحلة. لبسوا جميعا بدلات ثقيلة تغطي الرأس حتى أخمص قدمي المرء. وبدءوا رحلتهم إلى مدينة «تعز» الساحلية، وهم في طريقهم يحلقون فوق أجواء جبال «سمارة»، فتحت ناريس الغطاء الزجاجي للمركبة، وكانت هي التي تسوق. قفزت مريانا في الجو فأمسك مروان برأسه، ولم يستطع أن ينطق من الدهشة، ثم قفزن كل واحدة إثر الأخرى وشاهدهن، وهن يطرن كالطيور. قالت له ناريس: «لم يبق إلا أنت.» لم يجرؤ مروان على ذلك، فقلبت المركبة رأسا على عقب، وسقط من المركبة، وجد نفسه يقف في الجو، ثم لحقت به ناريس وأخذت تطير به، والمركبة تطير بجوارهم. هتف مروان وهو في غاية الدهشة والفرح: «تحقق حلمي في الطيران وصار الحلم حقيقة، خمسون عاما وأنا أحلم أنني أطير، يا حورياتي .. الله أكبر!» لم يستطع أن يصف بهجته. مروا فوق غابات أوراق الشاي (القات) والبن والعنب، مصادر الثروات المهمة للبلاد. شكلوا رقم ثمانية وظلوا يطيرون معا. تفاجأ مروان وهو يشاهد هيوموروبوت عملاقا، يدفع بصخرة عملاقة ويطير بها في الجو، وهناك هيوموروبوتات أخرى، تقوم بمساعدة البشر في بناء المدرجات الجبلية الخضراء، وأخرى تنقل التربة الخصبة إلى قمم الجبال.
شعروا بالتعب وهم فوق سماء مدينة «إب» وعادوا إلى المركبة، بعد خمس دقائق وصلوا مدينة تعز. حلقوا فوق المدينة ببطء ينظرون إلى شوارعها الواسعة، والورود المصفوفة على جوانبها وميادينها الواسعة. كانت المتنزهات في جبل صبر كأنها لؤلؤ أبيض، منثورة فوق المدينة، وجداول الماء تتدفق من منتصف الجبل، من أماكن عدة في قنوات خاصة، وتعبر المدينة الساحرة وتتجمع في عدة بحيرات. هبطوا في أحد متنزهات الجبل وخلعوا بدلات الطيران. أخبرته مريانا أنهن استعرن البدلات من السلطة احتفاء به. جلسوا قليلا ثم نزلوا بالمصعد الجوي إلى المدينة، وطافوا في شوارعها وتناولوا السمك الطازج، ثم عادوا إلى المنتزه.
2
Shafi da ba'a sani ba