Ranar da Shaidan ya Mutu
يوم مات الشيطان
Nau'ikan
ذات مساء يوم العطلة العاشورية، خرج مروان مع حورياته في نزهة إلى المدينة، والرائحة العطرية تملأ الجو. مروا على مجمع كبير فيه مكاتب لوزارات عدة منها: وزارة النانو بات، وزارة الهيوموروبوت، وزارة المحبة، وزارة اللقاء الروحي، وزارة الطاقة الكونية، وزارة مراقبة السلوك، وزارة الطفل، وزارة لقاح الأديان، وزارة التغذية، وزارة العلاقات الكونية، وزارة إعادة الحياة.
لعن مروان وشتم في سره. يحدث نفسه: «إعادة الحياة أي بعث الموتى، هذا حرام!»، وفي الوقت نفسه كانت مريانا تحدث نفسها كيف تستحوذ على مروان لنفسها! مروا على مطعم يقدم وجبات سريعة. تعجب مروان وهو يشاهد هيوموروبوت يعد الوجبات الخفيفة بخفة ومهارة عالية، يصعب على البشر القيام بها. شاهد المشتري يأخذ حاجته من الطعام، ويدفع القيمة عبر الشبكة الإليكترونية لهاتفه، التي يرسمها في الهواء بقلمه الخاص، وقد ابتعد عن المطعم. لم يشاهد مروان أحدا ينفث دخان سيجارة أو يمضغ قاتا، وعرف أيضا أنه لم تعد هناك خمور أو مخدرات. وقف أمام شعار ظهر في الجو «السعادة للجميع».
دخلوا لمشاهدة لعبة كرة القدم بين الهيوموروبوتات، انبهر مروان بأسلوب اللعب والحركات البهلوانية التي يقومون بها، ما لم يستطع البشر القيام بها. خلال فترة استراحة اللاعبين شاهد إعلانات كثيرة، تبث في سماء الملعب هيوموروبوتات حديثة، أو نانو متحول يتشكل عدة أشياء: بشر، غسالات، معدات منزلية، محرقة قمامة وأغراض منزلية كثيرة، زلاجات هوائية .. كان يشعر بالخوف من سقوطها على رءوس المشاهدين؛ لأنها تبدو أشكالا حقيقية، تقف فوق رءوسهم بأبعادها الرباعية. حينها تذكر عندما دخل منزلا في بداية عهده في هذا العالم، ولاحظ أنه بدون أثاث، عدا كومة كبيرة مغطاة بقماش شفاف كأنه الزجاج، وظن أن أهل المنزل فقراء، لم يكن يدري أن ذلك أثاث متحول يتشكل كما يريده المرء عند استخدامه.
تذكر مروان حين كان يشاهد المباريات في عالمه القديم، وهو يأكل الفول السوداني، فتمنى الحصول على الفول. فجأة رأى أمامه كيسا به مطلبه! لم يصدق ذلك، فراح يأكل منه ليتأكد أنه لا يحلم. كانت مريانا تضحك وهي تراقبه. أعطى منها النسوة وقال: «لا أدري من أحضر الفول السوداني لي، في المرة السابقة سأتمنى جواهر.» ثم ضحك بهدوء وهو يقشر الفول ويرميه على المشاهدين، لكن سرعان ما انتبهت النسوة لذلك. في آخر المباراة، أعلن عن الفائز هو الفريق الخاسر.
2
عادوا إلى المنزل، سألهن عن الناس الذين يطيرون في الجو، أخبرنه أنه سيطير يوما مثلهم وسيكون ذلك مكافأة له؛ فالحصول على تلك البدلات يكون بموافقة السلطة. فرح مروان وقام يرقص رقصة «البرع» وهو يرفع سكين المطبخ الإليكترونية عاليا، وما أدهشه هو أن بروسي أخذ يقلده، ولم تستطع النساء فعل ذلك. ضحك مروان، وقال له: «والله، إنك صنع ذماري، يا ابن أيري.» جلسوا يشربون شاي القات، وأخذ الحديث يدور حول الأعمار. تحدث مروان بأنه يمكن للبعض أن يمتد به العمر إلى 120 سنة، لكنها حياة متعبة، يتمنى فيها الإنسان الموت. تساءلت مريانا قائلة: 120 عاما فقط؟! هذا هو منتصف العمر في هذا العصر. - يا خسارة ستترملن باكرا، فلن أعيش طويلا معكن! - لا، ستعيش مثلنا. - كيف؟! - في المشفى قاموا بتنقية دمك من أمراض وفيروسات عصرك، وتطعيمك بلقاح الأديان التي تعطي الإنسان صفاء روحيا، بالإضافة إلى الغذاء الصحي الذي تتناوله، والرياضة والنوم الكافي، والسعادة والأمان الذي يحيط بك. كنتم تموتون باكرا يا عزيزي؛ فقد كان الهواء والغذاء ملوثين، وكذلك وجود الحيوان والطير في عالمكم، كانت أحد مصادر الأمراض التي تنقل إليكم، إضافة إلى الكراهية والغضب والخوف والحسد الذي كان يسود عالمكم. أيضا يقوم العلماء بعزل الجينات المسببة للشيخوخة، وحين يتلف عضو من أجسادنا نستبدله بعضو جديد. نقوم بزراعته من الخلايا الجذعية للشخص نفسه، المودعة في حبله السري المحفوظ منذ الولادة حتى آخر يوم من حياته، ولو توفيت أنت يمكن أن نستنسخك، وتعيش مرة أخرى.
كان مروان ينصت جيدا واستنكر قولها عن الاستنساخ، وهي تخبره بأن هناك أقمارا بيئية ترسل موجات صحية، يتم بها تطهير الجو. وهناك أقمار مناخية تبث حرارة معينة في مناطق محددة؛ لهذا توجد فاكهة الشتاء والصيف في بستان واحد؛ حتى إن هناك ثلوجا للتزحلق في أماكن دافئة.
كان مروان يرى نفسه أحيانا يعيش في نسخة مصغرة من الجنة، وأحيانا يفكر أن عقله هو الذي يعيش هذا العالم فقط، وما يراه إلا حلما سيصحو منه. كيف يطلب شيئا في نفسه ويتحقق سريعا؟ فجأة سألته ناريس: بماذا تفكر يا شريكنا؟ - أفكر أنني في الجنة. - هكذا حين يصل الإنسان إلى الإنسانية الكاملة، يجعل حياته جنة.
ثم راح يسألهن: لماذا ينسب المولود إلى اسم أمه؟! ومنذ فجر التاريخ كان ينسب إلى أبيه؟! جاوبته ناريس بما لم ترض أناه التي تحاول أن تظهر كما كانت قبل اللقاح الديني، حيث أخبرته أنه بعد تهذيب الأنا لم يعد الرجل يسعى إلى الزهو من خلال السلطة أو السيادة على المرأة، وتولت المرأة زمام قيادة البشرية، وساد السلام والعدل بين البشر في العالم أجمع. واستطاعت المرأة ببراعة السيطرة على سيف العلم بالحكمة، وسخرته لمصلحة ورفاهية البشر. لم تتخلص المرأة من سيطرة الرجل إلا بعد قرون عديدة، وفي هذا العصر استردت حقها في انتساب المولود لها.
3
Shafi da ba'a sani ba