96

Ranar Musulunci

يوم الإسلام

Nau'ikan

وختم كلمته بقوله: «إذا نظرنا إلى البلاد التي يحكمها هذا الدين الكبير المخاصم لنا، وإلى البلاد التي يتهددها بحكمه إياها ظهر لنا أن كل واحدة من هذه البلاد رمز لمشكلة من المشاكل الكبرى؛ فمراكش في الإسلام مثال للانحطاط، وفارس مثال للانحلال، وجزيرة العرب مثال للرقود، ومصر مثال لمجهودات الإصلاح، والصين مثال للإهمال، وجاوه مثال للتغير والانقلاب، والهند مركز للاحتكاك الإسلامي ، وأفريقيا الوسطى مكان للخطر الإسلامي، وعلى كل فالإسلام يحتاج قبل كل شيء إلى المسيح.»

ومن المؤسف حقا أن الحاجة إلى الجامعة الإسلامية اليوم لا تزال كما كانت بل أشد مما كانت؛ لأن المسلمين لا يزالون متفرقين رغم توالي الضربات عليهم، ورغم اتحاد السياسة الأوروبية ضدهم، ومع محاولة أوروبا خنقهم. وقد قال أحد الأوروبيين: «إن هذه النهضة الإسلامية حاولت الاتفاق مع البوذيين ومع الصينيين، ولم يبق أمامها إلا عدو واحد هو أوروبا، أي أن الشرق ناهض، وعلى الغرب أن يستعد لمقابلته في ساحة العراك، وأمام أوروبا اليوم مسألة هامة، هي هذه الجامعة الإسلامية ... أليس من الحكمة أن تدبر ضربة قوية قاضية تخمد هذه الحركة الإسلامية ... أما رأيي أنا؛ فهو: اقطفوا البرعم قبل أن يزهر فيثمر.» وهذا كان تعبيرا صادقا لما في نفس كل أوروبي.

والحوادث الأخيرة ترجح هذا، وهو أن تفوق الصين الشيوعية على الأمريكيين في حرب كوريا، واتفاقهم مع روسيا، واتفاق الهند معهم، وميول بعض المسلمين إليهم تجعل من المحتمل القريب أن يكون الشرق - مع توسع في معناه حتى تدخل فيه روسيا واليابان - سيقف كتلة واحدة ضد الغرب، وستكون مناداته إذا انتصر آسيا للأسيويين لا للأوروبيين، وفي هذه الحالة تنطوي الأمور، وتنبعث النهضة من الشرق بعد أن انبعثت من الغرب، ويشهد العالم صراعا جديدا ومدنية جديدة ... والعلم عند الله.

وكما ينقص العالم الإسلامي الاجتهاد ينقصه بناء الحياة على العلم؛ فهو يبني حياته الزراعية على نفس الطريقة التي كان يتبعها آباؤه في العصور القديمة، ويبني حياته الزراعية على نفس الطريقة التي كان يتبعها آباؤه في العصور الوسطى، فإن شذ أفراد فساروا في حياتهم الزراعية والتجارية والتربوية على العلم فشيء نادر لا يعول عليه، ولا يمكن أن ينهض العالم الإسلامي إلا إذا أسس حياته عامة على العلم.

قال الأستاذ رينان الفيلسوف الفرنسي المعروف: إنني أخشى أن يثبت الدين الإسلامي وحده في وجه هذا التسامح العام في العقائد، ولكنني عرفت أن في نفوس بعض الرجال المتمسكين بآداب الدين الإسلامي القديمة، وفي بضعة من رجال الآستانة وبلاد الفرس جراثيم جيدة تدل على فكر واسع وعقل ميال للمسالمة، إلا أنني أخشى أن تختنق هذه الجراثيم بتعصب بعض الفقهاء، فإذا اختنقت قضي على الدين الإسلامي؛ ذلك لأنه من الثابت الآن أمران؛ الأول: أن التمدن الحديث لا يريد إماتة الأديان بالمرة؛ لأنها تصلح أن تكون وسيلة إليه. والثاني: أنه لا يطيق أن تكون الأديان عثرة في سبيله، فعلى هذه الأديان أن تسالم وتلين، وإلا كان موتها «ضربة لازب». وما أظن أن لتخوف الأستاذ رينان محلا من الدين الإسلامي، وقد عهدنا أنه أوسع الأديان صدرا، وأقبلها للمدنية الحديثة.

نعم، إن كل محاولة للتوفيق بين الإسلام والمدنية الحديثة قد فشلت إلى اليوم، ولكن فشلها لا يعود إلى تعاليم الإسلام نفسه، بل إلى أسباب أخرى؛ أهمها: أن المدنية الحديثة تقدمت إليهم أول ما تقدمت بالسيف والنار، لا بالإقناع والإحساس بالمنفعة، ثم إن المدنية هذه تقدمت وهي تحمل في إحدى يديها المخترعات الحديثة، ونتاجها في العلوم والفنون، وفي الأخرى وسائل الاستغلال والاستعمار، فلذلك قبلها المسلمون كارهين مكرهين، ولو تقدمت إليهم على غير هذا الوجه لقبلوها قبولا حسنا كما قبلوا المدنية اليونانية والفارسية والتركية من قبل، والثالث: أنها جاءتهم على يد النصارى المتعصبين الذين اكتووا بنارهم من أيام الحروب الصليبية إلى اليوم، والرابع: أن المسلمين لضعفهم أصابهم ما يسمى في علم النفس بمركب النقص فقبلوها ضعفاء متهافتين، ينظرون إليها على أنهم ضعفاء مغلوبون على أمرهم لا حيلة لهم في رفضهم، ومع ذلك فقبولهم للأشياء المادية من المخترعات الحديثة كان أسهل عليهم من قبولهم للمعاني، وإن أخذوا من كل بحظ.

وكما ينقص العالم الإسلامي الاجتهاد والعلم فإن العالم الأوروبي ينقصه القلب أو بعبارة أخرى الروح.

وقد ألف الأستاذ چود أستاذ الفلسفة الإنجليزي كتابا قيما، سماه «سخافات المدنية الحديثة»، قال فيه: «إن المدنية الحديثة ليس فيها توازن بين القوة والأخلاق؛ فالأخلاق متأخرة جدا عن العلم، ومنذ النهضة ظل العلم في ارتقاء والأخلاق في انحطاط حتى بعدت المسافة بينهما. وبينما يتراءى الجيل الجديد للناظر فتعجبه خوارقه الصناعية، وتسخيره المادة والقوى الطبيعية لمصالحه وأغراضه إذا هو لا يمتاز في أخلاقه، في شرهه وطمعه، وفي طيشه ونزقه، وفي قسوته وظلمه عن غيره، وبينما هو قد ملك جميع وسائل الحياة إذا هو لا يدري كيف يعيش، وتوالي الحروب الفظيعة الهائلة دليل على إفلاسه، وأنه يربي نشأة لتموت. وقد خولت له العلوم الطبيعية قوة قاهرة، ولكنه لم يحسن استعمالها؛ فكان كطفل صغير، أو سفيه، أو مجنون يملكون زمام الأمور، ويؤتون مفاتيح الخزائن، فهم لا يزيدون عن أن يلعبوا بما فيها من جواهر.»

وقال في موضع آخر: «إن فيلسوفا هنديا سمعني أطري حضارتنا، وأقول إن أحد سائقي السيارات قطع ثلاثمائة أو أربعمائة ميل في ساعة واحدة على الرمال، وطارت طائرة من موسكو إلى نيويورك في عشرين أو خمسين ساعة فقال ذلك الفيلسوف الهندي: إنكم تستطيعون أن تطيروا في الهواء كالطير، وأن تسبحوا في الماء كالسمك، ولكنكم إلى الآن لا تعرفون كيف تمشون على الأرض.»

وقال في موضع ثالث من هذا الكتاب: «انظر إلى الطيارة التي تحلق في السماء، يخيل إليك أن صانعيها في علمهم ولباقتهم فوق البشر، والذين طاروا عليها أولا كانوا في علو عزمهم وجرأتهم أبطالا، ولكن انظر الآن إلى المقاصد السيئة التي استخدمت لها الطيارة وتستعمل لها في المستقبل ... إنما هي قذف قنابل وخصوصا الذرية، وتمزيق جثث الإنسان، وخنق الأحياء، وإحراق الأجساد، وإلقاء الغازات السامة، وتقطيع المستضعفين الذين لا عاصم لهم من هذا الشر إربا إربا. وهذه إما مقاصد الحمقى أو مقاصد الشياطين.»

Shafi da ba'a sani ba