في المدرسة التوفيقية
كنت أسمع بعض الناس يقولون إن زمن المدرسة أحسن أيام المرء وأهنأ أوقاته، وما كنت أصدق أقوالهم أو كنت أظن أن زمن تعليمهم ربما كان أهنأ من أيامنا، ولكنني عرفت الآن وتحققت صدق تلك الأقوال الصادرة عن التجارب والحكمة. نعم، أسعد أيام الفتى هي أيام الدراسة، أيام لا يعرف من مصائب الدنيا إلا أسماءها، زمن لا يتحمل الإنسان فيه سوى مذاكرة الدرس، زمن كل آمال المرء فيه التقدم على الأقران، زمن خال من الهموم والأحزان، ولن يعرف الإنسان قدر ذلك الزمان والهناء إلا بعد أن يكابد متاعب الدنيا، وبضدها تتميز الأشياء.
زمن سعيد قد مضى بصفاء
ما بين إسعاد وبين هناء
كشعاع نور في ظلام حالك
أو نقطة خضراء في صحراء
ولى وأبقى في الفؤاد رسومه
وكذا تولي سائر الأشياء
ولقد كان زمن وجودي في هذه المدرسة زمنا مملوءا بالمسرات التي أصبحت أقدرها الآن فأغبط طلاب تلك المدرسة؛ لأن الصحة تاج على رءوس أصحابها لا يبصره إلا المرضى، وأذكر أني كنت أبكي فيها بعض الأحيان لفراق والدي وحبيبتي، ولكن:
رب يوم بكيت فيه فلما
Shafi da ba'a sani ba