أما الأول: وهو أن المكلف متى اجتمعت فيه شرائط التكليف، فلابد من أن يخاف من يرى النظر فينبغي أن يتبين أولا حقيقة الخوف، وبيان أسبابه، ثم يبين أنه لابد من حصول سبب من أسباب الخوف عند كمال العقل إذا أراد إليه تكليفه، ثم يدل على أنه لابد من أن يخاف عند ذلك.
أما حقيقة الخوف فهو الظن لنزول ضرب في المستقبل، أو فوت يقع عنه أو عن من يجب.
قلنا: هو الضن ليس الخوف لا يدخل في المعلومات، وقلنا: نزول ضرب أو فوت يقع لأن الظن لحصول النفع أو ارتفاع الضرر رجاء، وكذلك الظن بغير النفع، والضرر لا يكون خوفا، ولا رجاء.
وقلنا: في المستقبل لأن الظن للضرر الحاصل لا يكون خوفا.
وأما أسباب الخوف [45أ] فهو أربعة:
أحدها: أن يثبته من قبل نفسه بأن يرى نعم الله عليه، وآثار الصفة لديه من هذا التركيب الحسن، والإتقان المحكم، فنقول: لابد من أن يكون لك صانع صنعك، ومدبر دبرك إن أطعته أثابك، وإن عصيته عاقبك، فعند هذا يحصل لك الخوف.
والثاني: أن يسمع إختلاف الناس والأديان، وتكفير بعضهم لبعض، وتقليل بعضهم لبعض، وتهلك كل فرقة للأخرى، فعند ذلك يخاف؛ لأنه من لا يؤمن أن يكون من الهالكين.
الثالث: أن يسمع قصص العاصين، ووعظ الواعظين، وتذكير المذكرين، وقراءة القرآن، وما فيه من ذكر الصانع، والثواب والعقاب فيحصل عند ذلك الخوف.
الرابع: أن نرى ذلك مكتوبا في كتاب لا يأمن أن يكون لك صانع صنعك إن أطعته أثابك وإن عصيته عاقبك، فإن حصل له أحد هذه الأسباب، وإلا وجب على الله تعالى أن يلقي إليه سببا يخاف به، بأن يخلق في باطنه سمعه، أو على لسانه ملك كلاما خفيا، معناه: لايأمن من أن يكون لك صانع صنعك، ومدبر دبرك إن أطعته أثابك، وإن عصيته عاقبك.
Shafi 80