والمنعم بأصول النعم ليس إلا الله تعالى فيجب أن يستحقها، وهي مأخوذة من التعبد وهو التذلل، يقال: طريق معبد: أي مذلل لكثرة المشي فيها، ومنه سمي العبد عبدا لتذلله بالرق.
وقوله على نعمة: على حرف جر، ونعمة جمع نعمة.
فنتكلم في حقيقة النعمة وأسمائها وقسمتها.
فحقيقة النعمة: هي المنفعة الحسنة التي قصد بها صاحبها وجه الإحسان إلى الغير.
قلنا: المنفعة احتراز من المضرة، وقلنا: الحسنة احتراز من القبيحة، واختلف الشيخان أبو علي وأبو هاشم.
فقال أبو هاشم : تكن نعمة وإن كانت قبيحة قبل أن تهب للغير جميع ما يملكه لقوله تعالى: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط}. فنهى أن يتصرف بجميع ما يملكه، والنهي يقتضي القبح، ومعلوم أنه لو فعل ذلك لكان منعما .
وقال أبو علي: إنها لا تكون نعمة إلا إذا كانت حسنة.
وقلنا: قصد احترازا من أن لا يقصد مثل من يلقى طعاما على قارعة الطريق وينتفع به الغير.
وقلنا: صاحبها ولم نقل فاعلها لأنه قد يكون منعما وإن لم يصدر منه [ 4أ ] فعل كأن لا يطالب غريمه بالدين، فإنه يكون منعما بترفيهه عليه أو بأن يأمر غيره بالفعل.
وقلنا: وجه الإحسان احتراز من أن يقصد وجه الإضرار مثل من يقدم للغير طعاما مسموما ليقتله به أو ليثبطه حتى يأتيه عدوه يقتله فإنه لا يسمى منعما؛ لأنه قصد وجه الإضرار.
وقلنا: إلى الغير احتراز من أن يقصد بإيصال المنفعة إلى الغير نفع نفسه، مثل من يقدم إلى الملك شيئا ليرد له في مقابلته فإنه لايسمى منعما لأنه قصد بذلك منفعة تعود عليه، وكذا من كسا عبده ليربح عليه إذا باعه فإنه غير منعم على العبد لأنه قصد بذلك نفع نفسه، هذا في حقيقة النعمة.
وأما تسميتها فتسمى: نعمة، ويدا وفضلة، وفضلا، وجهوا، وجدوى، وحباء وهبة، وموهبة ومنة وعطية.
وأماقسمتها فهي تنقسم إلى قسمين: أصول، وفروع.
أما الأصول فهي ست:
Shafi 8