إذا نظرت إلى جبال أحد ... أفادته بنظرتها سرورا معناه إذا قابلتني، وثالثها نظر الإنتظار ، وحقيقته هو التوسع بحصول أمر في المستقبل وسواء كان خيرا، أو شرا، ويدل عليه من الكتاب قوله تعالى [40أ] من قصة بلقيس: {وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون} أي منتظرة، ويدل عليه من كلام العرب قول الشاعر:
وجوه يوم بدر ناظرات ... إلى الرحمن يأتي بالخلاص
معناه منتظرة.
ورابعها: نظر الرحمة، وحقيقته إرادة حصول المنفعة للغير أو دفع مظره عنه، ويدل عليه من الكتاب قوله تعالى في قصة أهل النار: {ولا ينظر إليهم يوم القيامة} أي لايرحمهم، وقوله صلى الله عليه وآله: ((من جر إزاره بطرا لا ينظر الله إليه يوم القيامة)) أي لا يرحمه. قال الشاعر:
أنظر إلى العين ترك نظرة ... فالفقر يزري والنعيم يبجل
وخامسها: نظر الفكر وحقيقته هو المعنى الذي متى اختص بالواحد منا أو وجوب كونه متفكرا، قلنا: المعنى جنس الحد، وقلنا في الواحد منا احترازا من القديم فإنا لو قلنا في الحي للزم دخوله في الحد وذلك لا يجوز عليه تعالى.
وقلنا: متفكرا احترازا من سائر المعاني الموجودة في الواحد منا؛ فإنها لا توجب كونه متفكرا كالقدرة، والإرادة، وغيرهما، وعليه قوله تعالى: {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت} معناه أفلا يتفكرون في خلقها، فلم يأمرهم النظر الذي فعلوه، وإنما حثهم على النظر الذي أهملوه وهو الفكر بالقلب، وعليه قول الشاعر:
انظر بفكرك سنين المنتها ... واعلم بأن الفكر هو سبب النجا
وأما الموضع الرابع: وهو في قسمة نظر الفكر وأسمائه فله قسمتان: قسمة بحسب حكمه، وقسمة بحسب المنظور فيه.
أما قسمته بحسب حكمه فهو ينقسم إلى أربعة أقسام: واجب، ومندوب، ومباح، ومحضور.
فالواجب: هو ماكان فيه دفع مضرة عن النفس سواء أكان في أمور دين أو أمور دنياء.
Shafi 70