قلنا: هو المختص بصفة تلك الصفة هي كونه حيا؛ لأنه لا حال للسميع البصير بكونه سميعا بصيرا، وقلنا: يدرك المسموع والمبصر إذا وجد؛ لأنه سميع بصير، إذا كان بحيث يضح أن يسمع ويبصر عند وجود المسموع والمبصر، وإن لم يكن سامعا ومبصرا في الحال، وحقيقة السامع المبصر هو المختص بصفة لكونه عليها يدرك المسموع والمبصر في الحال، والاحتراز واحد في الحقيقتين إلا أنه لا يوصف أنه مدرك إلا عند حصول المدرك.
والفرق بينهما أنا نصف السميع البصير بأنه سميع بصير وإن لم يكن ثم مسموع ولا مبصر، ولا نصف السامع المبصر؛ لأنه سامع مبصر إلا إذا وجد المسموع والمبصر، ولهذا نصف الله تعالى بأنه سميع بصير فيما لم يزل، ولا نصفه أنه سميع مبصر فيما لم يزل لعدم المسموع والمبصر.
وأما بيان أجناس المدركات فهي ثمانية: الجسم وما هو من قبيله، مثل الجوهر والخط، والسطح والألوان، والأرائح والطعوم، والحرارة والبرودة، والأصوات والآلام، فالجسم يدرك بحاستين: الرؤية والممس، وكل واحد منها لا يدرك إلا بحاسة.
وأما الموضع الثاني وهو في حكاية المذهب وذكر الخلاف، فاتفق جميع المسلمين وغيرهم ممن أقر بالصانع على أن الله تعالى يوصف بأنه سميع بصير، سامع مبصر، مردك للمدركات، والكرم والكريم ناطق بذلك، قال الله تعالى{إنني معكما أسمع وأرى} وقال{وهو السميع البصير} وقال:{لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار} والخلاف في ذلك مع الباطنية، فإنهم يقولون: لا نطلق عليه النفي ولا الاقبال كما قالوا في سائر صفاتها تعالى، ثم اختلف في وصفه تعالى، في هذا الوصف ومعناه، فذهب الجمهور إلا أن المرجع بكونه سميعا بصير إلى أنه حي لا آفة به، وليس بأمر زائد، وقد استعملوا ذلك بمعنى سامع ومبصر على وجه المبالغة، كما في عالم وعليم، وخالف أبو هاشم في ذلك، وقال: إن له بكونه سميعا بصيرا صفة زائدة على كونه حيا لا آفة به.
Shafi 259